وتوحي روايات المدائني في «كتاب المصابيح» [١] أن الربيع [بن يونس] [٢] كان له يد في تنبيه الهادي، والمهدي قبله، على الانفاق الضخم الذي ينفقه الحسين بن علي، وأنّه خوّفه من ثورته. ويذكر المدائني كذلك أن الحسين بن علي الفخي قدم إلى الهادي عند توليه، ولما خرج من عنده «قدم الكوفة فجاء عدّة من الشيعة في جماعة كثيرة فبايعوه ووعدوه الموسم للوثوب بأهل مكّة، وكتبوا بذلك إلى ثقاتهم بخراسان والجبل وسائر النواحي» [٣]، الأمر الذي يوحي أنّ الإعداد للثورة كان سابقا على تضييق الهادي عليهم، وأنه كان قد بدئ بالاعداد لها في زمن المهدي، وما الانفاق الكبير من قبل الحسين بن علي إلا دليل على هذا.
ويذكر أحمد بن سهل الرازي أن الحسين كان قد بايعه ثلاثون ألف رجل من أهل البصائر والثبات وواعدهم عرفات وجعل الأمارة بينه وبينهم صاحب الجمل الأحمر [٤]، كما يذكر في موضع آخر أنّه لما بلغ فخ ولقيته عساكر العباسيين بسرف «حاجزهم مدافعا إلى قرب مكّة ليصل إليه من أراده من أهل بيعته ومن واعده بها. . .» [٥]. وكل هذه الأخبار تميل إلى دعم وجهة النظر التي ترى أنّ الثورة كان قد اعدّ لها منذ زمن.
غير أنّ رواية أخرى عند أحمد بن سهل الرازي بسنده عن عبد الله بن محمد الجعفري توحي أن الخروج ما كان إلا ردّة فعل سريعة على تضييق والي المدينة على الطالبيين، وأنّ مبايعة الحسين بن علي لم تتمّ إلا في ذلك الوقت، وأن الحسين أراد مبايعة يحيى بن عبد الله أوّلا، إلا أنّ يحيى أبى ذلك، ثم يذكر أنهم اجتمعوا تسعين
_________
[١] انظر النص في ص ٢٨٣ فيما يلي.
[٢]-١٦٩/ ٧٨٥ وقيل ١٧٠؛ وزر للمنصور والمهدي، الوزراء للجهشياري (فهارسه)؛ والوافي ١٤/ ٨٤ - ٨٥.
[٣] انظر ص ٢٨٤ فيما يلى.
[٤] أخبار فخ ١٤٢.
[٥] أخبار فخ ١٤٦.
1 / 52