أيها الناس، هرول الباطل في جريانه، وانقطع صوته وضرب بجرانه، ومد كفه فتناول، واشرأب بعنقه وتطاول، ونقض العهد وغدر، وضيع الحق وتكبر وتجبر، وظن أهلوه أنه قد أسعدهم الإقبال، وطويت عنهم أثواب النكال، وأذعن لهم الأبي من الرجال، والقاهر من الأبطال، فنشروا الغي وهموا، يالشناعة الشنعاء، وضيعوا من حقوق الله وحدوده ما كان يجب أن يرعى، حتى إذا بلغت القلوب الحناجر، وذل المؤازر وقل الناصر، أيقظ الله بنصره عيونا رقدت، وقلوبا غفلت، فهبت على أعدائه النكبا، ورموا بقواصم لا تكبا، وكلت مضارب الباطل فنبا، وتخشبت حدائده فأخلف ريحه وأصبا، وخرجت سهامه طائشة من قسيها المشدودة، واستوطن الرعب أفئدة حماته ورجاله المعدودة، طمع أن يغنم فغنم، ما أغنت عنه رجاله حين جذبه الإدبار، ولا نفعته صوارمه لما سلبه نصره العزيز القهار، تاه بهم التكبر فحطوا، وواصلهم التجبر فقطوا، والتقمهم القدر المقضي، ولاكهم الجهاد المرضي، فصريعهم مجلوف، وأسيرهم مكتوف، وسالمهم ملهوف. عركهم العمل وسيئاته، وأطبق عليهم الوطل وظلماته، ما أغناهم العدد، ولا ردت عنهم العدد. فاحمدوا الله ولا تنفروا أواخر النعم بقلة الشكر. فقد أتتكم أوائلها، ولا تغيروا ما بأنفسكم فيتخطاكم نائلها. إن للإفئدة فسادا وصلاحا، وللنيات مغدى في الأمور ومراحا. وقد عرفتم صنع الله فاحذروا أن تنقلب الريح، فإنما الناس لنيات إما لإمساك أو لتسريح. عضوا على الجهاد بنواجذ الهمم، وبادروا إليه بكل كف وقدم. الجهاد سنام الدين، ورهبانيه المؤمنين، إن الله أودع أحكامه إلينا أمانة، فعلينا أن نحفظها. ورفع شريعته فالمحروم من خفضها. فكونوا ممن جاهد المعاند، وباين الضال الفاسد، واتقوا الله ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون..الخ.
انظر إلى الفتكة الكبرى وقتل رضا باشا ومن معه بالقرب من خمر
صفحة ٣٩