أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

محمود الخفيف ت. 1380 هجري
109

أحمد عرابي الزعيم المفترى عليه

تصانيف

وزاد الموقف خطورة أن ورد على الخديو برقية من كبار رجال الجيش والشرطة بالإسكندرية يقولون فيها إنهم لا يطمئنون لغير عرابي ناظرا للجهادية، وإنه إذا مضت اثتنا عشرة ساعة ولم يعد عرابي إلى منصبه فهم غير مسئولين عما تفضي إليه الحوادث ...

وكان مالت لا ريب فرحا لوقوع توفيق في مأزق كهذا، فإن ظاهر الأمر يؤيد قوله إن تسلط الجيش هو سبب كل خوف، وإن كانت حقيقة الأمر تقطع بأنه هو وكلفن كما بينا أصل كل المصائب ...

ويذكر كرومر في كتابه «إن سلطان باشا وبعض النواب أخبروا الخديو في حضور القنصلين الفرنسي والإنجليزي أنه ما لم يوافق على إعادة عرابي وزيرا للجهادية فإن حياته يحف بها الخطر.»

وعلى الرغم من ذلك، كما ذكر كرومر أيضا، فإن الخديو أصر على رفضه كما جاء في تقرير مالت ...

وفي نفس اليوم الذي عقد فيه الخديو اجتماعيه عقد اجتماع شعبي في دار سلطان باشا وقد شهده كبار العلماء والنواب، كتب عرابي يصف هذا الاجتماع فقال: «في ليلة السبت 27 مايو سنة 1884 دعيت إلى منزل محمد سلطان باشا رئيس مجلس النواب، فذهبت إليه ومعي إخوتي علي باشا فهمي، وعبد العال باشا حلمي، ومحمد بك عبيد، وغيرهم من الإخوان، فلما وصلنا المنزل المذكور وجدناه غاصا بأعضاء مجلس النواب ومعهم قاضي قضاة مصر الشيخ عبد الرحمن نافذ، والشيخ عبد الهادي الإبياري إمام المعية، وحصل الاتفاق على ملازمة الراحة والسكون وأن الخديو يرفض اللائحة الثنائية ويأمر برجوعي إلى نظارة الجهادية والبحرية أو يعزل عزلا، وفي أثناء ذلك حضر بحديقة المنزل جماعة من الضباط والنبهاء من الملكية وغيرهم، وصاحوا بقولهم: اعزلوا الخديو الذي دعا الأجانب للتدخل في أمرنا وتهديدنا بأساطيلهم ...

ثم خرجت بمن معي من الضباط وتوجهنا إلى منزل محمود باشا سامي فوجدنا كثيرا من الذوات هناك ينتظرون ما عسى أن يحدث من مخبآت الدهر فقابلنا عبد الله باشا فكري الذي كان أستاذا أو مربيا للخديو في صغره وقال لنا: إن قتلتموه؟ فقلت له: إننا لا نقتل أحدا بغير حكم شرعي، فلا يليق بك أن تتكلم بهذا الكلام، ثم توجه كل منا إلى منزله.»

وفي اليوم الثامن والعشرين من مايو، أبرق الصدر الأعظم إلى الخديو ينبئه بأن «مبعوثا من لدن السلطان يرسل إلى مصر إذا تلقى السلطان طلبا رسميا بذلك.»

6

وكان ذلك ردا على ما أرسله توفيق إلى الآستانة في اليوم التالي ليوم استقالة الوزارة من أنباء مؤداها أن الجند غير راضين عن إسقاط الوزارة، وأن الوزارة احتجت في استقالتها على تدخل الدولتين ... واشترطت تركيا هذا الشرط لإيفاد المبعوث خوفا من إنجلترا وفرنسا أن تغضبا إذا هي تدخلت من تلقاء نفسها ...

وسأل توفيق القنصلين ماذا يصنع فيما جاءه من الصدر الأعظم؟ وأبرق مالت إلى حكومته يقول: «لقد ذكرت للخديو أنه إذا كانت حياته معرضة للخطر، فلست أستطيع أن أنصح بشيء يخالف الخطوة التي يقترحها إذا ظهر أنها هي فرصة الخلاص الوحيدة، واقتصر مسيو سينكويكس على قوله إنه سيطلب رأي حكومته، ثم تركنا الخديو بدون أن نفضي إليه بأكثر من هذا، مع أن الخديو كان يلح علينا بضرورة إرسال رد عاجل إلى الصدر الأعظم.»

صفحة غير معروفة