الاعتصام بالكتاب والسنة أصل السعادة في الدنيا والآخرة ونجاة من مضلات الفتن
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
عليه ﷺ في صلح الحديبية حينما اشتدَّ عليهم الكرب بمنعهم من العمرة، وما رأوا من غضاضةٍ على المسلمين في الظاهر، ولكنهم امتثلوا أمر رسول الله ﷺ فكان ذلك فتحًا قريبًا، وخلاصة ذلك أن سُهَيل بن عمرو قال للنبي ﷺ حينما كتب: بسم الله الرحمن الرحيم: اكتب باسمك اللهم، فوافق معه النبي ﷺ على ذلك، ولم يوافق سهيل على كَتْبِ محمد رسول الله، فتنازل النبي ﷺ وأمر أن يكتب محمد بن عبد الله، ومنع سهيل في الصلح أن تكون العمرة في هذا العام، وإنما في العام المقبل، وفي الصلح أن من أسلم من المشركين يردّه المسلمون، ومن جاء من المسلمين إلى المشركين لا يُردُّ، وأوّل من نُفّذ عليه الشرط أبو جندل بن سهيل بن عمرو، فردّه النبي ﷺ بعد محاورة عظيمة، وحينئذٍ غضب الصحابة لذلك حتى قال عمر ﵁ للنبي ﷺ: ألستَ نبيَّ الله حقًّا؟ قال: «بلى»، قال: ألسنا على الحق وعدوّنا على الباطل؟ قال: «بلى»، قال: فلمَ نُعطي الدَّنِيَّةَ في ديننا إذًا؟ قال: «إني رسول الله، ولست أعصيه، وهو ناصري»، قال عمر: فعملت لذلك أعمالًا، فلما فرغ الكتاب أمر النبي ﷺ الناس أن ينحروا ويحلقوا فلم يفعلوا، فدخل على أم سلمة ﵂، فشكا ذلك، فقالت: انحر واحلق، فخرج فنحر، وحلق، فنحر الناس وحلقوا حتى كاد يقتل بعضهم بعضًا (١).
فحصل بهذا الصلح من المصالح ما الله به عليم، ونزلت سورة الفتح، ودخل في السَّنة السادسة والسابعة في الإسلام مثل ما كان في
_________
(١) متفق عليه: البخاري، كتاب الشروط، باب الشروط في الجهاد، والمصالحة مع أهل الحرب وكتابة الشروط، برقم ٢٧٣١، ٢٧٣٢، ومسلم، كتاب الجهاد، باب صلح الحديبية، برقم ١٧٨٣.
1 / 18