الاعتصام بالكتاب والسنة أصل السعادة في الدنيا والآخرة ونجاة من مضلات الفتن
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
المؤمنين فيما أجمعوا عليه، فإنا نجازيه على ذلك (١).
ثامنًا: الاعتصام بالقرآن والسنة نجاة من مضلات الفتن:
ومما يوضح ذلك، وصية النبي ﷺ بكتاب الله تعالى في عرفات، وفي غدير خم، وعند موته ﵊، وتقدمت الإشارة إلى ذلك.
وجاءت الأحاديث الصحيحة الكثيرة التي تدل على أن من استمسك بما كان عليه النبي ﷺ كان من الناجين، ومن ذلك حديث العرباض بن سارية ﵁ قال: «صلى بنا رسول الله ﷺ ذات يوم، ثم أقبل علينا فوعظنا موعظة بليغة، ذرفت منها العيون، ووجلت منها القلوب، فقال قائل: يا رسول الله كأن هذه موعظة مودع، فماذا تعهد إلينا؟ فقال: «أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبدًا حبشيًّا، فإنه من يعشْ منكم بعدي فسيرى اختلافًا كثيرًا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين، تمسّكوا بها، وعضّوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور؛ فإن كل مُحدثةٍ بدعة، وكل بدعة ضلالة» (٢).
ومما يؤكد أهمية السمع والطاعة ما حصل للصحابة مع رسول الله
_________
(١) تفسير ابن كثير، ص٣٦١.
(٢) أبو داود، كتاب السنة، باب في لزوم السنة، برقم ٤٦٠٧، والترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في الأخذ بالسنة واجتناب البدعة، برقم ٢٦٧٦، وغيرهما، قوله: «ذرفت» أي: دمعت، وقوله: «وجلت» أي خافت وفزعت، وقوله: «تعهد» يقال: عهد إليه بكذا: إذا أوصى إليه، وقوله: «وإن عبدًا حبشيًا» أي: أطع صاحب الأمر، واسمع له وإن كان عبدًا حبشيًا، فحذف كان وهي مزادة. قوله: «عضوا عليها بالنواجذ» النواجذ: الأضراس التي بعد الناب، وهذا مثل في شدة الاستمساك بالأمر. قوله: «محدثات الأمور» أي: ما لم يكن معروفًا في كتاب ولا سنة، ولا إجماع. انظر: جامع الأصول لابن الأثير، ١/ ٢٨٠.
1 / 17