الفقرات التالية.
٢٧ـ حسن الاستفتاح: فمن أراد أن يجعل لموعظته افتتاحا حسن أن يعنى به تمام العناية، وأن يجمله بما يستطيع من وسائل التجميل المناسبة، التي تجتذب الأذهان، وتهيئ الأسماع، وتقود النفوس إلى الإقبال عليه، وإلى أن تتقبله بقبول حسن؛ فإن الفكرة الأولى عن شيء أو أمر، أو شخص تثبت وتقرّ بالنفس.
ومحوها يحتاج إلى عناء؛ فإن كانت حسنة صعب تهجينها، وإن كانت سيئة صعب تزيينها.
والافتتاح - إن وجد - أول ما يلقى به الواعظ الجماعة؛ فإن وقع في نفوسهم موقع القبول كانت الموعظة على غراره، واستطاع من خلاله أن يصل قلوبهم.
وإن لم يصادف قبولا صعبت الحال، واحتاج الأمر إلى خبير بأحوال النفوس، حاذق في طرق العلاج، ووسائل الشفاء من ذلك النّفار وهذا الشّماس١.
وقال أبو هلال العسكري ﵀: "إذا كان الابتداء حسنا بديعا ومليحا ورشيقا كان داعية الاستماع لما يجيء بعده من الكلام.
ولهذا المعنى يقول الله ﷿ ﴿ألم﴾ و﴿حم﴾، و﴿طس﴾، و﴿كهيعص﴾ .
فيقرع أسماعهم بشيء بديع ليس لهم بمثله عهد؛ ليكون ذلك داعية لهم إلى الاستماع لما بعده، والله أعلم بكتابه.
ولهذا جعل أكثر الابتداءات بـ ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ﴾ لأن النفوس تتشوق للثناء
١ انظر: الخطابة، ص ٧٩.
1 / 67