ليكن ابني محبا لأمه أكثر من حبه لي. إلا أنه أولا وأخيرا ابن دمي؛ فمهما تكن كراهية أمه لي إلا أنها لم تخني يوما. وحين كنت في موقف أستطيع مراقبتها منه بثثت حولها العيون فما رأيت منها إلا الوفاء والإخلاص والشرف. فهو ابني لا شك في ذلك.
لأتركه يصنع لي أيامي المقبلة، فأنا الذي صنعت له أيامه الماضية والحاضرة التي يحياها الآن.
الفصل التاسع عشر
قالت له فوزية في جلسة هادئة: ألم يأت الوقت؟
وفي سرعة خاطر قال: قد أتى. - فماذا تنتظر؟ - أن تفاتحيني. - لماذا لم تفاتحني أنت؟ - أردت أن أكون منفذا لأوامرك. - حتى في زواجك. - وخاصة في زواجي. - أفي ذهنك عروس؟ - هي التي في ذهنك.
وأشرق وجه فوزية وامحت عنه تجاعيد السنين. - هل كنت تعرف؟ - ألا تعرفين أنني كنت أعرف؟ - كنت أرجو. - ومتى نكصت عن رجاء نفسك؟! - الحق أنت دائما تحقق أملي فيك. - لقد صنعتني بعد الله على عينيك. - ونعم ما صنع الله وهيأني لأصنعه. - أنا تحت أمرك، تستطيعين أن تخطبي دعاء حين تشائين.
وتهلل وجه فوزية مرة أخرى وأرادت أن تمتع من اللحظة كل ما فيها من سعادة وترتشف عصيرها جميعه حتى لا تبقي منه شيئا. - كيف عرفت؟ - حرصك أن أصحبك إلى تنت عايدة كلما زرتها، وإصرارك على دعوتها هي ودعاء كلما عرفت أنني لن أخرج من البيت. - ودعاء، هل تعلم؟ - لقد كنت أنت وأمها تحرصان على أن تتركانا منفردين بأعذار واهية. - وفيم كنتما تتحدثان؟ - في محاولتكما التقريب بيننا، واتفقنا أن نتغافل أنا وهي ولا نشعركما أننا لا نحتاج إلى هذا الجهد منكما. - فأنتما متحابان؟ - إذا شئت أن تقولي هذا. - كم أنتما خبيثان! - بل قولي كم أنتما طيبتان أنت وأمها! - إذن؟ - افعلي ما شئت، بالطريقة التي تعجبك، وفي الوقت الذي تحددينه.
ووضح على وجه فوزية أن فكرة وثبت إلى ذهنها. - في أي يوم نحن من الأيام؟ - الخميس. - ولماذا لم تذهب إلى الشركة؟ - أردت أن أقعد معك اليوم. - أكنت تنوي أن تفاتحني في هذا الموضوع؟ - بل كنت أنتظر أن تفاتحيني. - قم فالبس ملابسك. - ماذا؟ أتريدين أن تصحبيني معك في الخطبة؟ - لا إنما أريدك في شيء آخر تماما، قم فالبس ملابسك. •••
صحبت فوزية رستم نامق، راشد إلى البنك الذي فيه أموالها ومجوهراتها. وحولت المال وصندوق المجوهرات جميعها باسم راشد.
وحين فتحت صندوق المجوهرات انتقت منه عقدا نادر الوجود في العالم أجمع وقالت لراشد: بهذا العقد شبك أبي أمي، وبهذا العقد سيشبك راشد دعاء.
صفحة غير معروفة