وقال ابن قتيبة في الشعر الشعراء : هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري حليف لقريش ، صحب عباد بن زياد بن ابي سفيان فلم يحمده وكان عباد طويل اللحية عريضها ، فركب ذات يوم وابن مفرغ معه في موكبه فهبت الريح فنفشت لحيته قال ابن مفرغ :
ألا ليت اللحي كانت حشيشا
فنعلفها دواب المسلمينا
فبلغ ذلك عبادا فجفاه وحقد عليه ، فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه وعذبه وسقاه التربذ في النبيذ (1) وحمله على بعير وقرن به خنزيرة ، فامشاه بطنة مشيا شديدا ، فكان يسيل ما يخرج منه على الخنزيرة فتصيء ، فكلما صاءت قال ابن مفرغ :
ضجت سمية لما مسها القرن
لا تجزعي إن شر الشيمة الجزع
وسمية ام زياد ، فطيف به في أزقة البصرة وأسواقها والناس يصيحون خلفه فمر به فارسي فرآه فقال : ( اين جيست )، لما يسيل منه وهو يقول :
أبست نبيذست عصارات زبيبست سمية رو سفيدست.
ومعناه هذا ماء نبيذ ، هذا عصارة زبيب ، وسمية عاهر فلما ألح عليه ما يخرج منه قيل لابن زياد : انه لما به. لا نأمن أن يموت فأمر به فانزل ، فاغتسل فلما خرج من الماء قال :
يغسل الماء مافعلت ، وقولي
راسخ منك في العظام البوالي (3)
صفحة ١٠٩