============================================================
كتاب أدب الملوك في بيان حقائق التصوف وأما من أوى إلى الجحبال فكثير من أصحابه حتى إن أحدهم بنى صومعة بباب المخور، وكان يقال له الحسين صاحب الصومعة، وكان يحكم بالإشراف على الأسرار، قال: فجرى يوما شيء من كرامات الأولياء عند الجنيد، وقال للجنيد: 3 اعتقد اسم من شئت بقلبك ولا تخبرنا به ! قال، فوقف الجنيد ساعة ثم قال له : قد اعتقدت، فقال له الحسين : هو فلان، قال الجنيد: فعدلت بسري إلى غيره فقلت : لا فقال : اعتقد تانية ! قال، فقلت : قد اعتقدت، فقال: فلان، قال، فعدلت 1 إلى ثالث وقلت : لا! فلما كان في المرة الثالثة قال له الجنيد : لا ! فصرخ وخرج وهو يقول : ما كذبني سيري ساعة قط ن وكان للجنيد أيضا صاحب، فسمع آية فهام على وجهه، فحكي عن أصحابه أنه دخل البادية، قال: فضللت الطريق وأويت إلى جبل، فإذا أنا بشاب فريد حزين وحيد يتعبد في ذلك الجبل ، فقلت : يا فتى ما آخرجك إلى ها هنا؟ قال : أخر جتني آية من كتاب الله تعالى سمعتها ، قلت : وما هي؟ قال : قوله عز وجل: واضبر لحكم ربك فإنك بأشننا}، قال: فتركته هناك وخرجت.
(3) فهذا والله من حقيقة المشاهدة إذ علم آنه ينظر إليه حيث كان، فهذا الذي هام على وجهه أوى إلى الجبال، وكثير من أصحابه، فإن روئم بن محمد رحمة الله عليه كان لا يأكل برهة من الزمان، وكذلك في سائر جبال الشام .
وأما الذين تعلق بعضهم ببعض في الظاهر فأظهرهم الله عز وجل في الخلق للحجة عليهم، وجعلهم سفراء بينه وبين المريدين، وكانوا أطباء المريدين ونشر عنهم علوم الخاصة وعلوم المعارف، فسار بوصفهم المريدون، فالجنيد بن محمد ورويم وأبو محمد الجريري والزقاق وأبو سعيد الخراز والمرتعش والنوري في بعض أوقاته وصبح السقاء والرقام وأبو جمزة وأبو الحسين المالكي والشثلي ، ثم من سائر البلدان مثل أبي بكر الكتاني والدامغاني وأبو بكر المصري وأبو عبد الله المغربي وابن شييان وأبو يعقوب السوسي وأبو سليمان المغربي وأبو بكر الدينوري والفرغاني والمزين الكبير والمزين الصغير وغيرهم مما يكثر عددهم رضي الله عنهم ، آظهرهم الله عز وجل كلهم للحجة على الخلق، فكانوا 4) اعتقد: اعقد ض1) وكذلك- الشام: كذا 17) الذين: الذي قص.
12) - 13) القرآن الكريم 48/52.
.. .
صفحة ٣٣