ثم قال: أرأيتم هؤلاء يكن [الموالي هل] أبناؤهن ورجالهن، أتلزموهن العدة، فيرثن الربع، والثلث، والسدس؟ فقالوا: نعم! لو كن إماء، لما كان لهن ميراث، ولا عليهن عدة، فعلموا صواب ما ذهب إليه، وسلموا لأمره، ورضوا بحكمه، ولولا ما فعله علي -رضوان الله عليه- ما علم الناس كيف تكون مقاتلة أهل القبلة.
وأما الأميران اللذان أفسدا أمر الناس:
فما فعله عمرو بن العاص، من رفعه المصاحف، وقوله ما قال حتى حكمت الخوارج، فلا يزال هذا التحكيم إلى يوم القيامة، وقد كان علي -رضي الله عنه- فهم ما أراده عمرو، وقال: كلمة حق أريد بها باطل.
والأمر الثاني: ما فعله المغيرة بن شعبة، حين كتب إليه معاوية -رحمه الله-: اقدم إلي مغيرة! لأعلمك، فتأخر عنه أياما، ثم ورد عليه، فقال معاوية: ما أبطأ بك؟ قال المغيرة: أمر بدأته كرهت أن آتي قبل إحكامه، قال: ما هو؟ قال: أخذت البيعة ليزيد على أهل الكوفة، قال: أوفعلت ذلك؟ قال: بلى! قال: فارجع إلى عملك وتمم ما بدأته، فلما خرج، قال له أصحابه: ما وراءك؟ قال: وضعت -والله- رجل معاوية غرزي، لا تزال فيه إلى يوم القيامة.
قال الحسن: فمن أجل ذلك بايع هؤلاء لأبنائهم، وصارت الخلافة تتوارث، ولولا ذلك لكانت شورى، لا يليها إلا من اتفق على فضله، واستحقاقه الإمامة إلى يوم القيامة.
صفحة ٦٣