وكان يقول: ما اغرورقت عين بمائها من خشية الله إلا حرم الله جسدها على النار، فإن فاضت على خدها لم يرهق ذلك الوجه قتر ولا ذلة، وليس من عمل إلا وله وزن وثواب، إلا الدمعة من خشية الله، فإنها تطفئ ما شاء الله من حر النار، ولو أن رجلا بكى من خشية الله في أمة، لرجوت أن يرحم الله تعالى ببكائه تلك الأمة بأسرها.
وكان يقول: إن الله -عز وجل- لا يفرض على العبد ثمنا على العلم الذي تعلمه إلا الثمن الذي يأخذه المعلم به، فمن تعلم العلم بحق الله، ولابتغاء ما عند الله، فقد ربح، ومن تعلمه لغير الله، انقطع، ولم يصل به إلى الله تعالى.
وكان يقول: مسكين ابن آدم! ما أضعفه! مكتوم العلل، مكتوم الأجل، تؤذيه البقة، وتقتله الشرقة، يرحل كل يوم إلى الآخرة مرحلة، ويقطع من الدنيا منزلة، وربما طغى وتكبر، وظلم وتجبر.
وحضر الحسن جنازة ثم قال: أيها الناس! اعملوا لمثل هذا اليوم، {فسيرى الله عملكم ورسوله والمؤمنون وستردون إلى عالم الغيب والشهادة فينبئكم بما كنتم تعملون}.
وكان يقول: أيها الناس! اغتنموا الصحة والفراغ، وبادروا بالأعمال من قبل يوم تشخص فيه القلوب والأبصار.
وكان يقول: ابن آدم! لا تخافن من ذي ملك؛ فإنه عبد لسيدك، ولا تطمعن في ذي مال؛ فإنما تأكل رزق مولاك، ولا تخالل ذا جرم؛ فإنه عليك وبال، ولا تحقرن فقيرا؛ فإنه أخ شقيق لك.
صفحة ١٢٧