آداب الحوار من خلال سيرة مصعب بن عمير رضي الله عنه
الناشر
دار الأوراق الثقافية
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣٥ هـ
تصانيف
أن حق رسول الله ﷺ أعظم من حق أمه فثبت على ذلك، ثم اعتز وافتخر بانتسابه إلى هذا الدين، وأخيرًا لم تؤثر فيه عاطفته تجاه أمه عندما بكت، ولم يفكر في التراجع، بل ازداد إصرارا على الثبات والعزة، وأراد من أمه أن تُعِز نفسها وتعلو بذاتها بدخولها الإسلام ولكنها أبت، ولله الأمر من قبل ومن بعد.
سادسًا: حسن الاستماع:
إن الفن الحقيقي في الحديث يكمن في حسن الاستماع، فسيجد المحاور قبولًا واحترامًا، وإنصاتًا من مُحاوره إن أوجد ذلك من قبل.
ولقد كان مصعب بن عمير ﵁ بارعًا في حسن الاستماع فقد أنصت لكلام أسيد بن حضير ﵁ وهو واقفٌ عليه ومتشتمًا، بل ويبدو أنه رافعٌ لصوته، فما قابل ذلك مصعبٌ ﵁ إلا بحسن استماع وإنصات، وعندما انتهى أسيدٌ ﵁ من كلامه، قال له مصعب ﵁: "أو تجلس فتسمع " (١)، فكأن لسان حاله يقول: فكما أني سمعت كلامك بإنصات فاسمع مني بإنصات كذلك. ومن خبر أمه ﵁ كان في حسن استماع لها، مع أنها كانت تظهر له الكيد والعداوة، بل وأرادت التحريض عليه من قبل قومها لتعذيبه (٢)، ومع هذا ما زال في حواره معها بحسن إنصات واستماع؛ لعلها تقتنع بكلامه فتدخل الإسلام.
سابعًا: الجرأة والغضب لنصرة الحق:
كما أن المحاور لا بد له من الحلم والصبر وعدم الغضب لنفسه، فهو كذلك
_________
(١) ابن هشام: السيرة النبوية، ١/ ٤٣٥.
(٢) ابن سعد: الطبقات الكبرى، ٣/ ٨٨.
1 / 11