أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية
الناشر
مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع
الإصدار
السادسة
سنة النشر
١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م
مكان النشر
بيروت - لبنان
تصانيف
الوقت ما بين هذين" (١). زاد ما علم من القرائن توكيدًا، وانتقل بذلك إلى الطريقة الأولى.
الطريق الخامسة: وقد قرّرها أبو نصر القشيريّ، وخلاصتها أن يعتبر الفعل بيانًا للمجمل، إن كان المجمل قد ورد، وفعل النبي ﷺ ما يصلح أن يكون بيانًا لذلك المجمل، ولم تقترن بالفعل قرينة تدل على أنه هو البيان، ولم يرد بيان آخر قولين ولا فعليّ، وتوفيّ النبي ﷺ قبل أن يرد بيان غير ذلك الفعل الصالح للبيان.
قال القشيري: "لا يُخْتَرم ﷺ مع بقاء الالتباس في اللفظ المجمل. فيحمل فعله على البيان في مثل هذه الصورة إجماعًا من الأمة" (٢).
ومثاله الجزية، إذ قد وردت مجملة، وأخذها النبي ﷺ بمقادير معينة.
ما يدلّ عليه الفعل البياني من الأحكام:
حكم الفعل البياني عند الأصوليين بحسب ما هو بيان له، فيرجع إلى المبيّن في معرفة حكمه.
فإن كان الفعل بيانًا لآية دالة على الوجوب، دلّ على الوجوب، كقوله تعالى: ﴿وأقيموا الصلاة﴾ بيّن ﷺ بفعله ميقات صلاة الظهر، مثلًا. فيجب إيقاعها في ذلك الوقت. وبيّن أنها أربع ركعات، فلا يجزئ غير ذلك. وبيّن ما فيها من القيام والركوع والسجود. فوجب الإتيان بها في الصلاة.
وكذلك الجمعة، بيّن ﷺ بفعله أنها ركعتان.
ودليل كون الفعل بيانًا في أكثر هذه الفروع الإجماع.
وإن كان المبيّن ندبًا كان الفعل البيانيّ ندبًا، كإقامة ثالث أيام التشريق بمنى إلى ما قبل الغروب. وكأفعال العمرة.
(١) رواه مسلم والترمذي وأبو داود (جامع الأصول ٦/ ١٤٥)
(٢) أبو شامة: المحقق ق ٣٧ ب.
1 / 291