281

أفعال الرسول ﷺ ودلالتها على الأحكام الشرعية

الناشر

مؤسسة الرسالة للطباعة والنشر والتوزيع

الإصدار

السادسة

سنة النشر

١٤٢٤ هـ - ٢٠٠٣ م

مكان النشر

بيروت - لبنان

تصانيف

المرحلة الثانية: أن يعيّن بقوله ما هو بيان له، كأن يقول: هذا الفعل بيان لآية كذا وكذا. ولم نظفر لهذه المرحلة بمثال.
والعمدة في تعيين المبيَّن على ما يأتي من الطرق سوى القول.
الطريق الثانية: إجماع العلماء على أن الفعل المعيّن بيان لآية معينة. كإجماعهم في أعداد الركعات في الصلوات، وما فيها من الأركان التي اتفقوا عليها أن ذلك بيان للصلاة المأمور بها في الكتاب. وأن مقادير الزكاة التي أخذها ﷺ هي بيان للزكاة المأمور بها.
الطريق الثالثة: أن يرد خطاب مجمل، ولم يبيّنه ﷺ بالقول، وأتى وقت التنفيذ، ففعَل ﷺ أمامهم فعلًا صالحًا للبيان، فيعلم الحاضرون أنه بيان لذلك المجمل. هذا بالنسبة إلى من شاهد الفعل الواقع بعد المجمل. أما بالنسبة إلى من لم يشاهده، كغير الصحابي، فإننا إذا بلغنا الفعل النبويّ يحتمل عندنا أنه ﷺ كان قد بيّنه بالقول ولم يبلغنا. فيكون الظاهر عندنا أن الفعل بيان. قاله الغزالي (١).
ومثاله أنه تعالى أمر بالوقوف بعرفة، ولم يذكر وقت الوقوف، فوقف النبي ﷺ تاسع ذي الحجة، فتبيّن بذلك وقته للواقفين معه.
ومثاله في جانب المحرّمات: إن الله حرّم الميتة، فاحتمل دخول الجراد في ذلك، فلما أكله ﷺ أمامهم، أو أقرّ آكليه وهو يراهم يفعلون، عُلِم عدم دخوله في الميتة المحرمة.
الطريق الرابعة: أن يُسأل ﷺ عن بيان مشكل، فيفعل فعلًا، ويعلم بقرائن الأحوال أنه يريد جواب السائل (٢)، كالذي سأل النبي ﷺ عن مواقيت الصلاة، فقال: "صل معنا" فصلّى في اليوم الأول في أول الوقت، وصلى في اليوم الثاني في آخره، فعلم بذلك، أول الوقت وآخره. ولما قال ﷺ: "أين السائل،

(١) المستصفى ٥٢/ ٢.
(٢) أبو شامة: المحقق ق ٣٦ ب.

1 / 290