218

موسوعة الأعمال الكاملة للإمام محمد الخضر حسين

محقق

علي الرضا الحسيني

الناشر

دار النوادر

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هجري

مكان النشر

سوريا

تصانيف

على اليهود الذين كانوا في زمن النبي ﷺ. ﴿تَتْلُو﴾ من التلاوة بمعنى: الاتباع أو القراءة. و﴿الشَّيَاطِينُ﴾ جمع شيطان، وهو كائن حي خلق من نار، كما قال تعالى حكاية عنه: ﴿خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ﴾ [الأعراف: ١٢]. ويطلق على الممتلئ شرًا ومكرًا من الأنس. وورد بهذا المعنى في قوله تعالى يصف حال المنافقين: ﴿وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ﴾ [البقرة: ١٤] وفي قوله تعالى: ﴿شَيَاطِينَ الْإِنْسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا﴾ [الأنعام: ١١٢]. ومن هنا استطاع بعض المفسرين أن يحمل الشياطين في الآية التي نحن بصدد تفسيرها على الأشرار من الناس. وسليمان: هو النبي سليمان، ويرتقي نسبه إلى إسحاق بن إبراهيم ﵈. وما تتلوه الشياطين: هو السحر. وتلاوته على ملك سليمان: أي: اتباعه في عهد ملك سليمان، ومعلوم أن ملك سليمان كان شريعة ونبوة.
﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾:
نزه الله بهذه الجملة سليمان ﵇ عن عمل السحر الذي يتعاطاه أولئك الشياطين، وينسبونه إليه، ودلت الجملة على أن ذلك السحر ضرب من ضروب الكفر؛ إذ قال تعالى: ﴿وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ﴾، ودلت على أنه من اختلاق أولئك الشياطين، فقال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا﴾.
﴿يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ﴾:
الضمير في قوله: ﴿يُعَلِّمُونَ﴾ عائد على الشياطين، أو على اليهود، ويكون الكلام عن الشياطين انتهى عند قوله: ﴿كَفَرُوا﴾، وتكون جملة: ﴿يُعَلِّمُونَ﴾ بيانًا لوجه اتباعهم للشيطان المخبر عنه بقوله تعالى: ﴿وَاتَّبَعُوا ...﴾.

1 / 184