ظهر في مدينة براج أخيرا رجل زري الهيئة، رث الثياب، يحمل قنديلا من الزجاج كتب عليه «أبحث عن العدالة والفضيلة».
فاجتمع الناس حوله حتى كادوا يعطلون «حركة المرور» فألقى البوليس القبض عليه، واستاقه إلى السجن وحقق معه، ثم أطلق سراحه فعاد إلى تجواله.
قالت الصحيفة التي روت الخبر: ولا جدال في أن هذا «الديوجنس العصري» سيقضي زمنا طويلا وهو يبحث وينقب دون أن يصل إلى غرضه.
والله أعلم بسر صاحبنا، وما دعاه إلى تشرده الفلسفي وبحثه مقتفيا أثر ذاك الفيلسوف الكلبي.
وديوجنس الأصلي فيلسوف ولد وعاش ومات في القرنين الرابع والثالث قبل الميلاد.
كان أبوه صرافا في مدينة سينوب، واتهم الأب والابن بتزييف النقود، فقبض على الأب وسجن، ومات في السجن.
وطفش الولد، وأتى إلى مدينة أثينا مهبط العلم والحكمة والفلسفة في ذاك الحين، وتتلمذ لأنتينيوس الفيلسوف.
واشتهر ديوجنس بالتقشف والزهد في الحياة، فلم يكن له من المتاع سوى عصا وخرج وقدح من الخشب، فلم يكن يمشي بدونها. وكان لا يتوكأ على عصاه إلا إذا رحل إلى خارج أثينا، أو كان مريضا.
واتخذ برميلا وجعله مسكنا له يأخذه معه أينما سار وحل، وعند اشتداد الحر يتدحرج على الرمال الساخنة، وفي الشتاء حينما يشتد البرد يلصق جسده بالرخام، قاصدا بذلك تعويد نفسه على تحمل مشاق الحر والبرد.
وكان يأكل وينام ويتكلم في أي مكان صادفه، وكثيرا ما كان يقصد هيكل الشمس للخطابة والنوم.
صفحة غير معروفة