عناصر ثلاثة متفقة مؤتلفة، لبثت خمسا وعشرين سنة نقطة دائرة الطرب والرقص في أزبكية القاهرة المحمية.
وفدت لطيفة فخر إلى مصر لثلاثين سنة إثر موقعة كانت تذكرها لطيفة كلما أرادت تعليق الحلق في أذنيها.
ولم تلبث أن اعتلت عرش «ألف ليلة»، وهي فتاة مياسة القوام، لدنة المعاطف، هيفاء، دعجاء، تقطر شفتاها رحيقا.
وكان للرقص البلدي دولته، فأتقنته لطيفة، وفازت في ميدانه.
كانت مغنية ألف ليلة السيدة بهية، وكبيرة الراقصات أختها نظيرة، وتأتي معهما من حين إلى آخر أختهما فاطمة.
ولاحظ الخواجا مانولي أن محاميا وطنيا كبيرا، رحمة الله عليه، اتصل بالسيدة بهية فارتاب الخواجا، وبث عيونه وأرصاده، فجاءوه بالخبر اليقين وهو أن المحامي يفاوض المغنية في ترك ألف ليلة بعد انتهاء الكونتراتو على أن يفتح لها ولأختها قهوة خاصة.
واحتاط مانولي للأمر، فخلع عن لطيفة حزام الرقص وسلمها إلى أساتذة الفن محمود البولاقي رحمه الله، وعطية محمد، وعوض الجرجاوي، فلقنوها ما تيسر من مبادئ الغناء والعزف على العود.
وظهرت بعد ستة أشهر «الأسطى توحيدة»، يحيط بها عطية بالعود، والبولاقي بالرق، والجرجاوي بصوته الصبا، وأبو غنيمة بالكمنجة، وخمسة من السنيدة المعروفين.
وصبر السميعة الأصوليون سنوات حتى شبطت توحيدة في الفن وعرفت كيف تحرك أوتار العود وتهز الرق، وتخرج الآهات سليمة.
وقيد الخواجة مانولي السيدة توحيدة بشروط، وتعاقد معها على أجرة الغناء ونصيبها في «الفتح»، وأركبها عربة فخمة خاصة يجرها جوادان كبيران.
صفحة غير معروفة