106

فإني بنفسي لا محالة أبدأ

ثم قال: وإلى أين تمضي سفينتنا الآن بالذخيرة العربية النفيسة؟ أتراني سأغرقها مرة أخرى؟

قال التلميذ: بل إلى بر السلامة إن شاء الله، إلى بلاد العم سام!

قال أبو العلاء: وما عسى أن نشهد هناك غير ما شهدنا؟ أو نسمع هناك غير ما سمعنا؟

قال التلميذ: كثيرا يا مولاي؛ سنرى قبل كل شيء ملكا عظيما على الطريقة الأمريكية.

فتمهل أبو العلاء قليلا ثم قال: أراني سأقضي منك ديون السؤال كلها في هذه الرحلة. فما هي هذه الطريقة الأمريكية التي نسمع بها في كل شأن من شئون هؤلاء الناس؟ وكيف يكون الملك العظيم ملكا عظيما على هذه الطريقة.

قال التلميذ: بالامتحان والكشف الطبي، كأنه موظف في الخدمة اليومية! فهذا الرجل الذي يحكم الدولة العظمى في الديار الأمريكية قد كان مشلولا في كهولته ثم تقدم إلى الشفاء، فلما أذاع خصومه أنه لا يصلح للحكم عرض نفسه على الأطباء الثقات ليشهدوا له بصحة العقل وصحة الضمير. وقد شهدوا له وجاز الامتحان عند أبناء وطنه فانتخبوه. أليست هذه طريقة أمريكية في الحكومة كالطرق الأمريكية في الصناعة والتجارة، وفي كل شأن من شئون هؤلاء الناس؟

قال أبو العلاء: وهل أفلح الرجل وصدق الأطباء؟

فأجاب التلميذ: نعم أفلح غاية ما يستطاع الفلاح، وعالج الشلل في قومه كما عالجه في جسمه.

فأدركه أبو العلاء متهانفا وصاح به: غرقة أخرى يا بني! ومجاز آخر يوشك أن يرسل بالسفينة إلى القرار! أفصح يا بني ودعنا من المجاز! •••

صفحة غير معروفة