أبو العلاء المعري

أحمد تيمور باشا ت. 1348 هجري
182

أبو العلاء المعري

تصانيف

قال الصفدي: «أما الموضوع على لسانه، فلعله لا يخفى على من له لب. وأما الأشياء التي دونها، وقال بها في لزوم ما لا يلزم، وفي استغفر واستغفري، فما فيه حيلة. وهو كثير، فيه ما فيه من القول بالتعطيل والاستخفاف بالنبوات. ويحتمل أنه ارعوى وتاب بعد ذلك كله. وحكي لي عن الشيخ كمال الدين بن الزملكاني أنه قال في حقه: هو جوهرة جاءت إلى الوجود وذهبت». انتهى كلام الصفدي. قلت: أما استغفر واستغفري فلم أقف عليه؛ فإن كان ما فيه يشبه ما في لزوم ما لا يلزم، فسيرد عليه ما يزيل الشك فيه.

وقال ابن الوردي في تاريخه: «وأنا كنت أتعصب له لكونه من المعرة، ثم وقفت له على كتاب استغفر واستغفري فأبغضته، وازددت عنه نفرة، ونظرت له في كتاب لزوم ما لا يلزم، فرأيت التبري منه أحزم؛ فإن هذين الكتابين يدلان على أنه كان لما نظمهما عالما حائرا، ومذبذبا نافرا، يقر فيهما أن الحق قد خفي عليه، ويود لو ظفر باليقين فأخذه بكلتا يديه؛ كما قال في مرثية أبيه:

طلبت يقينا من جهينة عنهم

ولم تخبريني يا جهين سوى الظن

فإن تعهديني لا أزال مسائلا

فإني لم أعط الصحيح فأستغني

ثم وقفت له على كتاب «ضوء السقط» الذي أملاه على الشيخ أبي عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله الأصبهاني، الذي لازم الشيخ إلى أن مات، ثم أقام بحلب، يروي عنه كتبه، فكان هذا الكتاب عندي مصلحا لفساده، موضحا لرجوعه إلى الحق وصحة اعتقاده؛ فإنه كتاب يحكم بصحة إسلامه مؤلا، ويتلو لمن وقف عليه بعد كتبه المتقدمة «وللآخرة خير لك من الأولى»؛ فلقد ضمن هذا الكتاب ما يثلج الصدر، ويلذ السمع، ويقر العين، ويسر القلب، ويطلق اليد، ويثبت القدم؛ من تعظيم رسول الله

صلى الله عليه وسلم

خير بريته، والتقرب إلى الله بمدائح الأشراف من ذريته، وتبجيل الصحابة، والرضا عنهم ، والأدب عند ذكر ما يتلقى منهم، وإيراد محاسن من التفسير ، والإقرار بالبعث والإشفاق من اليوم العسير، وتضليل من أنكر المعاد، والترغيب في أذكار الله والأوراد، والخضوع للشريعة المحمدية وتعظيمها. وهو خاتمة كتبه، والأعمال بخواتيمها. وقد يعذر من ذمه، واستحل شتمه، فإنه عول على مبادئ أمره، وأوسط شعره؛ ويعذر من أحبه، وحرم سبه، فإنه اطلع على صلاح سره، وما صار إليه في آخر عمره؛ من الإنابة التي كان أهلها، والتوبة التي تجب ما قبلها. وكان يقول رحمه الله: أنا شيخ مكذوب عليه». انتهى كلامه بنصه.

قلت: وليس في لزوم ما لا يلزم ما يصل بالإنسان إلى حد التبري منه، كما ذكر الشيخ، والبيتان اللذان رواهما من مرثية أبيه لا يدلان على ما ذهب إليه، وإنما مراده أن علم الغيب محجوب عنه، فلا يدري عن أبيه: أهو في شقاء أم نعيم، وهما مثل قوله من هذه القصيدة:

صفحة غير معروفة