عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة
الناشر
مطبعة سفير
مكان النشر
الرياض
تصانيف
عنده، ثم ينقلهم من ذلك إلى مرتبة رابعة: وهي دعاء الناس إلى عبادته واتخاذه عيدًا، ثم ينقلهم إلى أن من نهى عن ذلك فقد تَنقَّصَ أهل هذه الرتب العالية من الأنبياء والصالحين، وعند ذلك يغضبون (١).
ولهذا حذّر الله عباده من الغلو في الدين، والإفراط بالتعظيم بالقول أو الفعل أو الاعتقاد، ورفع المخلوق عن منزلته التي أنزله الله تعالى، كما قال تعالى: ﴿يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ وَلاَ تَقُولُواْ عَلَى الله إِلاَّ الْحَقِّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ الله وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِّنْهُ﴾ (٢)؛ ولهذا حذّر رسول الله عن الإطراء فقال: «لا تطروني كما أطرت النصارى ابن مريم، فإنما أنا عبده، فقولوا: عبد الله ورسوله» (٣)، وقال: «إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين» (٤).
٢ - وحذَّر ﷺ عن اتخاذ المساجد على القبور؛ لأن عبادة الله عند قبور الصالحين وسيلة إلى عبادتهم؛ ولهذا لما ذكرت أم حبيبة وأم سلمة ﵄ لرسول الله ﷺ كنيسة في الحبشة فيها تصاوير قال: «إن أولئك إذا كان فيهم الرجل الصالح فمات بنوا على قبره مسجدًا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله يوم القيامة» (٥).
(١) انظر: تفسير الطبري، ٢٩/ ٦٢، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد، ص٢٤٦. (٢) سورة النساء، الآية: ١٧١. (٣) أخرجه البخاري في كتاب الأنبياء، باب قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ ..﴾، برقم ٣٤٤٥. (٤) أخرجه النسائي في كتاب مناسك الحج، باب التقاط الحصى، برقم ٣٠٥٥، وابن ماجه في كتاب المناسك، باب قدر حصى الرمي، برقم ٣٠٢٨، وأحمد، ١/ ٣٤٧، وصححه الألباني في صحيح سنن النسائي، ٢/ ٣٥٦. (٥) أخرجه البخاري في كتاب مناقب الأنصار، باب هجرة الحبشة، برقم ٣٨٧٣،ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب النهي عن بناء المساجد على القبور واتخاذ الصور فيها، برقم ٥٢٨.
1 / 80