عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة

سعيد بن وهف القحطاني ت. 1440 هجري
79

عقيدة المسلم في ضوء الكتاب والسنة

الناشر

مطبعة سفير

مكان النشر

الرياض

تصانيف

«كان بين آدم ونوح عشرة قرون كلهم على الإسلام» (١). وبعد ذلك تعلَّق الناس بالصالحين، ودبَّ الشرك في الأرض، فبعث الله نوحًا ﷺ يدعو إلى عبادة الله وحده، وينهى عن عبادة ما سواه (٢)، وردّ عليه قومه: ﴿وَقَالُوا لا تَذَرُنَّ آلِهَتَكُمْ وَلا تَذَرُنَّ وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا﴾ (٣). وهذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون فيها أنصابًا، وسموها بأسمائهم، ففعلوا، ولم تُعبد حتى إذا هلك أولئك ونُسِيَ العلم عُبِدت» (٤). وهذا سببه الغلو في الصالحين؛ فإن الشيطان يدعو إلى الغلو في الصالحين وإلى عبادة القبور، ويُلقي في قلوب الناس أن البناء والعكوف عليها من محبة أهلها من الأنبياء والصالحين، وأن الدعاء عندها مستجاب، ثم ينقلهم من هذه المرتبة إلى الدعاء بها والإقسام على الله بها، وشأن الله أعظم من أن يُسأل بأحد من خلقه، فإذا تقرر ذلك عندهم نقلهم إلى دعاء صاحب القبر وعبادته وسؤاله الشفاعة من دون الله، واتخاذ قبره وثنًا تُعلّق عليه الستور، ويطاف به، ويستلم ويقبل، ويذبح

(١) أخرجه الحاكم في المستدرك، كتاب التاريخ، ٢/ ٥٤٦، وقال: «هذا حديث صحيح على شرط البخاري ولم يخرجاه»، ووافقه الذهبي، وذكره ابن كثير في البداية والنهاية، ١/ ١٠١، وعزاه إلى البخاري، وانظر: فتح الباري، ٦/ ٣٧٢. (٢) انظر: البداية والنهاية لابن كثير، ١/ ١٠٦. (٣) سورة نوح، الآية: ٢٣. (٤) أخرجه البخاري في كتاب التفسير، سورة نوح، برقم ٤٩٢٠.

1 / 79