غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن
الناشر
دار الفاروق للنشر والتوزيع
رقم الإصدار
الأولى
سنة النشر
١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م
مكان النشر
عمان
تصانيف
وقوله تعالى: ﴿قُلْ لِمَنِ الْأَرْضُ وَمَنْ فِيهَا إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٤) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ (٨٥) قُلْ مَنْ رَبُّ السَّمَاوَاتِ السَّبْعِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ (٨٦) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ (٨٧) قُلْ مَنْ بِيَدِهِ مَلَكُوتُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ يُجِيرُ وَلَا يُجَارُ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (٨٨) سَيَقُولُونَ لِلَّهِ قُلْ فَأَنَّى تُسْحَرُونَ (٨٩) بَلْ أَتَيْنَاهُمْ بِالْحَقِّ وَإِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ (٩٠) مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (٩١) عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ (٩٢)﴾ [المؤمنون].
وتوحيد الرُّبوبيَّة: هو توحيد الله بأفعَاله سبحانه، مثل الخَلْق والرِّزق وتدبير الأمر ... وهذا أقرَّ به الكفَّار على زمن النَّبِيِّ - ﷺ - ولم يدخلهم الإسلام، فهم يعلمون أنَّ الله هو الَّذي يخلق ويرزق ويحيي ويميت ... لكنَّهم يشركون غيره في العبادة.
ولذلك فإنَّ توحيد الرُّبوبيَّة لا ينفع إلَّا بتوحيد الألوهيَّة، وتوحيد الألوهيَّة: هو توحيد اللّه تعالى بأَفعال العباد، ويسمَّى توحيد العبادة، فلا نعبد ولا نستعين إلَّا بالله: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥)﴾ [الفاتحة] ولا نستعيذ إلَّا بالله: ﴿قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (١)﴾ [النَّاس] ولا ندعو إلَّا الله: ﴿وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ... (٦٠)﴾ [غافر] ولا نخاف إلَّا الله: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ ... (١٧٥)﴾ [آل عمران] ولا نتوكَّل إلَّا على الله: ﴿وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٢٣)﴾ [المائدة].
وهذا النوع من التَّوحيد جاءت به الرُّسل جميعًا: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ... (٣٦)﴾ [النَّحل] وهو ما أنكره الكفَّار قديمًا وحديثًا.
1 / 203