122

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

مصر، فعلى إتيانكم بأخيكم يتوقف كيلي لكم، بل دخولكم مصر، فتصريح الدُّخول هو أخوكم وإلّا أُرْجِعتم. ولا يغيب ذلك الارتباط الوثيق في القصَّة بين مصر وفلسطين، فقد جرت أحداثها بين البلدين، وكانت مصر ظهرًا لفلسطين في ضائقتها، وملجأ لأهلها، وعونًا لهم في الأزمة، وسندًا لهم في الشِّدَّة. نقض قولهم يُوسُف يَمُنُّ على إخوته قَولُ يُوسُفَ: ﴿أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)﴾، وقوله تعالى: ﴿الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ لَا يُتْبِعُونَ مَا أَنْفَقُوا مَنًّا وَلَا أَذًى لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (٢٦٢) قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ (٢٦٣)﴾ [البقرة]. وعلى هذا؛ فإن قال قائل: كيف يمنُّ يُوسُفُ على إخوته بما جاد به عليهم؟ فالجواب أنَّ يُوسُفَ لم يقصد الفخرَ والإعجابَ والمنَّ، ولكنَّه أراد ترغيبَهم في العودةِ ثانية مع أخيهم من أبيهم، ولعلَّ ما يؤكِّد ذلك أنَّه أتبع الإغراء بالتَّحذير، فهذه الآية والَّتي بعدها، يمثلان بابيّ الإغراء والتَّحذير، اللَّذين يذكران في علم العربيَّة، وغرضه الاستحواذ على شقيقه فقط. وَعْدٌ وموافقةٌ ﴿قَالُوا﴾ لِيُوسُفَ بلسان الوعْدِ والموافقة: ﴿سَنُرَاوِدُ عَنْهُ أَبَاهُ﴾ ونحتالُ بكلِّ حيلةٍ لإقناع أبينا بإرساله معنا المرَّة الثَّانية، ولسوف نجتهد ولا ندَّخر جهدًا، ﴿وَإِنَّا لَفَاعِلُونَ (٦١)﴾ إنْ شَاءَ اللهُ تعالى، فنحنُ نبدأ وعلى الله تعالى التَّمام، وعلى هذا نفترق، والتَّوفيق من الرَّحمن.

1 / 127