121

غرر البيان من سورة يوسف ﵇ في القرآن

الناشر

دار الفاروق للنشر والتوزيع

رقم الإصدار

الأولى

سنة النشر

١٤٣١ هـ - ٢٠١٠ م

مكان النشر

عمان

تصانيف

وقد أخبر الله تعالى عن معرفة يُوسُفَ لإخوته بالجملة الفعليَّة ﴿فَعَرَفَهُمْ﴾ لإفادة التَجدُّد، فقد تجدَّدت معرفته لهم من أوَّل الأمر، وأخبر عن جهلهم به بالجملة الاسميَّة ﴿وَهُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ﴾ لإفادة الثُّبوت والاستمرار، فهم ثابتون على جهلهم بيُوسُفَ، ويلاحظ أنَّ بين ﴿فَعَرَفَهُمْ﴾ و﴿مُنْكِرُونَ﴾ طباق إيجاب بديع. مطالبة يُوسُفَ إخوته بإحضار أخيهم ﴿وَلَمَّا جَهَّزَهُمْ بِجَهَازِهِمْ﴾، وأوقر ركائبهم بما جاؤوا لأجله من الطَّعام وأوفى، وأعطاهم ما يحتاجون إليه في سفرهم، ودفعوا الثَّمن، ﴿قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ ولم يقل: بأخيكم؛ مبالغة في إظهار عدم معرفته بهم. ويظهر أنه قد سألهم عن أحوالهم، فأخبروه عنها بالتَّفصيل، فلذا ﴿قَالَ ائْتُونِي بِأَخٍ لَكُمْ مِنْ أَبِيكُمْ﴾ لأراه، وهذه الجملة كانت بمثابة لُغْزٍ مِن يُوسُفَ لأبيه لا يحلُّه إلَّا يعقوب - ﵇ ـ، فمتى نُقِلَت إليه وضعت يده على طرف الخيط الذي يدلُّ على يُوسُفَ، فما حاجة عزيز مِصْرَ لرؤية أخيهم؟! ولذلك سيأتي له أن يقول لبنيه: ﴿يَابَنِيَّ اذْهَبُوا﴾ لمِصْرَ ﴿فَتَحَسَّسُوا مِنْ يُوسُفَ وَأَخِيهِ﴾، فهو يظنُّ يُوسُفَ هناك. إغراء وتحذير ثمَّ أخذ يحبِّب ويرغِّب إليهم المجيء ثانية مع أخيهم، فقال لهم بلهجة السُّرور: ﴿أَلَا تَرَوْنَ أَنِّي أُوفِي الْكَيْلَ﴾ الذي تكتالون وأزيده ولا أبخسه ﴿وَأَنَا خَيْرُ الْمُنْزِلِينَ (٥٩)﴾ خير المضيفين. وبعد هذا التَّشويق قال محذِّرًا: ﴿فَإِنْ لَمْ تَأْتُونِي بِهِ﴾ كما اتَّفقنا، ﴿فَلَا كَيْلَ لَكُمْ عِنْدِي﴾ ليس لكم عندي طعامٌ أكيله مستقبلًا ﴿وَلَا تَقْرَبُونِ (٦٠)﴾ في بلادي

1 / 126