الضمير للمنافقين ، فتكون الآية نتيجة التمثيل. وإن جعلته للمستوقدين فهي على حقيقتها. والمعنى : أنهم لما أوقدوا نارا ، فذهب الله بنورهم وتركهم في ظلمات هائلة ، أدهشتهم بحيث اختلت حواسهم وانتقصت قواهم.
والصم أصله صلابة من اكتناز الأجزاء ، ومنه قيل : حجر أصم وقناة صماء ، سمي به فقدان حاسة السمع ، لأن سببه أن يكون باطن الصماخ مكتنزا لا يكون فيه تجويف يشتمل على هواء يسمع الصوت بتموجه. والبكم الخرس. والعمى عدم البصر عما من شأنه أن يبصر ، وقد يقال لعدم البصيرة. وقوله : ( فهم لا يرجعون ) معناه : لا يعودون إلى الهدى بعد أن باعوه وضيعوه ، أو عن الضلالة بعد أن اشتروها ، تسجيلا عليهم بالطبع ، أو بقوا متحيرين جامدين في مكانهم لا يبرحون ، ولا يدرون أيتقدمون أم يتأخرون؟ وكيف يرجعون إلى حيث ابتدأوا منه؟ والفاء للدلالة على أن اتصافهم بالأحكام السابقة سبب لتحيرهم واحتباسهم.
( أو كصيب من السماء فيه ظلمات ورعد وبرق يجعلون أصابعهم في آذانهم من الصواعق حذر الموت والله محيط بالكافرين (19) يكاد البرق يخطف أبصارهم كلما أضاء لهم مشوا فيه وإذا أظلم عليهم قاموا ولو شاء الله لذهب بسمعهم وأبصارهم إن الله على كل شيء قدير (20))
ثم ضرب مثلا آخر لحالهم عطفا على ( الذي استوقد ) ليكون كشفا لحالهم بعد كشف ، وإيضاحا غب إيضاح ، فإنه كما يجب على البليغ في مظان الإجمال
صفحہ 73