182

وقال صلى الله عليه وآلهوسلم عند موته : ما زالت أكلة خيبر تعادني (1)، فهذا أوان قطعت أبهري. وأضاف الفعل المذكور إليهم وإن باشره آباؤهم ، لأنهم رضوا بفعل أسلافهم فأضيف الفعل إليهم.

( وقالوا قلوبنا غلف بل لعنهم الله بكفرهم فقليلا ما يؤمنون (88))

ثم رجع الكلام إلى الحكاية عن اليهود وعن سوء مقالهم وفعالهم فقال : ( وقالوا قلوبنا غلف ) جمع أغلف ، أي : مغشاة بأغطية خلقية لا يصل إليها ما جاء به محمد ولا تفهمه ، مستعار من الأغلف الذي لم يختن ، كقولهم : ( قلوبنا في أكنة ) (2). وقيل : أصله غلف جمع غلاف فخفف ، أي : أنها أوعية العلم لا تسمع علما إلا وعته ولا تعي ما تقول ، أو نحن مستغنون بما فيها عن غيره.

ثم رد الله عليهم لما قالوا بقوله : ( بل لعنهم الله بكفرهم ) أي : ليس ذلك كما زعموا أن قلوبهم خلقت كذلك ، لأنها خلقت على الفطرة ، لكن الله لعنهم وخذلهم بسبب صميم كفرهم ، وأبعدهم من رحمته ، لتوغلهم في عنادهم ولجاجهم ( فقليلا ما يؤمنون ) فإيمانا قليلا يؤمنون. و «ما» مزيدة للمبالغة في التقليل ، وهو إيمانهم ببعض الكتاب ، وذلك قليل بالإضافة إلى ما جحدوه من حرمة القتال والإجلاء والتصديق بنبينا صلى الله عليه وآلهوسلم وبما جاء به. وقيل : أراد بالقلة العدم ، كما يقال : قل ما رأيت هذا قط ، أي : ما رأيته قط. وهذا أصح ، لموافقته لمذهبنا في أنه لا إيمان لهم أصلا.

صفحہ 187