181

( وأيدناه ) قويناه ( بروح القدس ) بالروح المقدسة ، كقولك : حاتم الجود ، ورجل صدق ، في إضافة الاسم إلى المصدر. أراد به جبرئيل ، أي : أيدنا عيسى بجبرئيل من أول صغره إلى كبره ، فكان يسير معه حيث سار ، ولما هم اليهود بقتله لم يفارقه حتى صعد به إلى السماء ، وكان تمثل لمريم عند حملها به وبشرها به.

وقيل : روح عيسى ، ووصفها به لطهارته عن مس الشيطان ، أو لكرامته على الله ، ولذلك أضافها إلى نفسه ، أو لأنه لم تضمه الأصلاب والأرحام الطوامث ، أو لغلبة الروحانية عليه ، فشابه الروحانيين ، أو الإنجيل ، أو الاسم الأعظم الذي كان يحيي به الموتى. وقرأ ابن كثير القدس بالإسكان في جميع القرآن.

ثم خاطب اليهود توبيخا وتعجيبا فقال : يا معشر اليهود ( أفكلما جاءكم رسول بما لا تهوى أنفسكم استكبرتم ) أي : بما لا تحبه ، يقال : هوي بالكسر هوى إذا أحب ، وهوى بالفتح هويا بالضم إذا سقط. ووسط بين الفاء وما تعلقت به وهو قوله : «وآتينا» همزة التوبيخ والتعجيب في شأنهم. ويجوز أن يكون استئنافا ، والفاء للعطف على مقدر ، أي : أأعرضتم فكلما ... إلخ.

وقوله : «استكبرتم» مجمل تفصيله قوله : ( ففريقا كذبتم ) عن الإيمان واتباع الرسل ، كموسى وعيسى ( وفريقا تقتلون ) كزكريا ويحيى ، فالفاء لتفصيل الاستكبار. ويجوز أن يكون للسببية. وإنما ذكر بلفظ المضارع على حكاية الحال الماضية استحضارا لها في النفوس ، وتصويرا لها في القلوب ، فإن الأمر فظيع ، ومراعاة للفواصل ، أو للدلالة على أنكم بعد فيه ، فإنكم حاولتم قتل محمد صلى الله عليه وآلهوسلم لو لا أني أعصمه منكم ، ولذلك سحرتموه وسممتم له الشاة.

صفحہ 186