============================================================
يقول المسعودي إن السنة التي حصلت فيها هذه الوقائع هي سنة 317 . أما مسكويه فيقول إنها سنة 315، ويتفق معه في ذلك ابن الأثير . لكن رواية ال المسعودي تنفرد عن جميع الروايات بذكرها أن أسفار بن شيرويه لم يكن ليدين بملة الإسلام".
من هنا نستطيع أن نعيد تركيب السياق الاجتماعي والتاريخي للأحداث على ال النحو التالي . لقد كان إسلام أغلب السكان الديلم في هذه المناطق سطحيا، لا يزيد عمره لدى بعضهم عن عشر سنوات. وقد فكر أبو حاتم أن بالإمكان تحويلهم من الزيدية والاعتزال إلى الإسماعيلية . وإذا صح أنه اتصل بأسفار بن شيرويه فذلك بهدف تحويله إلى الإسلام أيضا، ولكن على المذهب الإسماعيلي. ومن المحتمل أنه كتب كتاب "الإصلاح" في هذه الفترة. أما الإمام الذي تنص عليه رواية نظام الملك فلا شك أنه "القائم" في المذهب الإسماعيلي. والواقع أن ال الدعايات الإسماعيلية كانت رائجة في بلاد الإسلام شرقا وغربا وشمالا وجنوبا حول قرب ظهور "القائم" محمد بن إسماعيل في تلك الفترة(1) . بل ظهر فعلا شخص في الكوفة سنة 312 ادعى أنه محمد بن إسماعيل، "وجمع جمعا عظيما من الأعراب وأهل السواد، واستفحل أمره في شوال، فسير إليه جيش من بغداد، فقاتلوه، فانهزم وقتل كثير من أصحابه"(2).
ولا يبدو أن الدعاية الإسماعيلية قد روضت جنون أسفار، بل ربما زادته جنونا . كان لدي آسفار قائد من كبار قواده اسمه مرداويج. وهو قائد مسلم.
والظاهر أن الظلم الذي ألحقه أسفار بالرعية هو الذي دفعه إلى التآمر عليه. أرسل أسفار مرداويج في مهمة إلى زعيم تابع له في إحدى القلاع اسمه سلار. فما كان من الاثنين إلا أن تحالفا على أسفار. وتقول الروايات إن مرداويج ذبح أسفار سنة 316 بيديه(3). غير أنه هو الآخر سيكرر تجربة جنون أسفار الذي ثار عليه.
(1) انظر ما كتبه القاضي عبد الجبار حول الدعاية الإسماعيلية بخصوص ظهور المهدي سنة 300.
في تثبيت دلائل النبوة.
(2) الكامل لابن الأثير 88/9 .
(3) مروج الذهب 70/3، تجارب الأمم 92/5، الكامل 110/9.
صفحہ 25