وَكَونه يعلم مسَائِل لَا يعلمهَا مُوسَى، لَا يُوجب أَن يكون أفضل مِنْهُ مُطلقًا. كَمَا أَن الهدهد قَالَ لِسُلَيْمَان: (أحطت بِمَا لم تحط بِهِ) لم يكن أفضل من سُلَيْمَان.
وكما أَن الَّذين كَانُوا يُلَقِّحُونَ النّخل، لما كَانُوا أعلم بتلقيحه من النَّبِي - لم يجب من ذَلِك أَن يَكُونُوا أفضل مِنْهُ -، وَقد قَالَ لَهُم: " وَأَنْتُم أعلم بِأَمْر دنياكم، وَأما مَا كَانَ من أَمر دينكُمْ فَإِلَيَّ. "
وَأَبُو بكر وَعمر وَعُثْمَان وَعلي ﵃ كَانُوا يتعلمون مِمَّن هم دونهم علم الدّين الَّذِي هُوَ عِنْدهم.
وَقد قَالَ -: " لم يبْق بعدِي من النُّبُوَّة إِلَّا الرُّؤْيَا الصَّالِحَة. " وَمَعْلُوم أَن ذُرِّيتهمْ فِي الْعلم أفضل مِمَّن حصلت لَهُ الرُّؤْيَا الصَّالِحَة.
وَغَايَة الْخضر أَن يكون عِنْده من الْكَشْف مَا هُوَ جُزْء من أَجزَاء النُّبُوَّة، فَكيف يكون أفضل من نَبِي؟ فَكيف بالرسول؟ فَكيف بِأولى الْعَزْم "؟ ! وَقَالَ ﵀: " قَول الْقَائِل: إِنَّه نقيب الْأَوْلِيَاء، فَيُقَال: لَهُ من ولاه النقابة. وَأفضل الْأَوْلِيَاء أَصْحَاب مُحَمَّد - وَلَيْسَ فيهم الْخضر ". وَقَالَ: " وَمن
1 / 26