یونس فی بطن الحوت

عبد الغفار مكاوي d. 1434 AH
68

یونس فی بطن الحوت

يونس في بطن الحوت

اصناف

أنا أنتظر موكبك.

ألن يأتي هذا اليوم في عمري أبدا؟

أنا لن أذهب إلى بيتي كما فعل غيري. فسوف أنتظر، وأنتظر، إلى صباح الغد، وبعد الغد، وأيام المستقبل كله.

على هذا الجانب من الطريق سأسمر رجلي الضعيفتين حتى أسمع الأبواق تنفخ من بعيد، والرعية الأمينة تهتف، والعربة التي تجرها الجياد المطهمة تسير أمامي. عندئذ سأمرق وسط الزحام، وأشق السياج المتين الذي يطوق قيصر، وأقف بين يديه، وألقي عليه بشكواي. حقا إن شكواي طويلة مستفيضة، ولكن قيصر لن يسأم منها. سيأمر بوقف الموكب ليراني، سيوصي بإخماد كل الأصوات ليسمع صوتي. وبعد أن أفرغ من شكواي التي ستستغرق أياما وأياما سيميل على أذني، ويسر إلي بهذا السؤال: من أنت أيها الرجل المسكين؟ فأرفع إليه عينين تملؤهما الدموع وأقول: أنا رجل من شعبك الأمين يا مولاي. فيميل على أذني للمرة الأخيرة ليقول لي في حنان عظيم: يا أقرب الناس من قلبي.

انتظر حتى أراك في موكبي التالي.

ولكن متى يمر الموكب؟ ومن أين؟ من الشارع الآخر؟ لا! في مدينة أخرى؟ لا! في عالم آخر؟

أحقا أنني لن أراه أبدا؟!

1954

الراهب

ذات يوم من سنين بعيدة، كثيرة لا يحصيها العدد، قديمة لا تدركها ذاكرة إنسان، كان هناك راهب شاب، لم تنبت شعرات لحيته بعد، يجلس وحيدا في غرفته في الدير المعروف بدير هيسترباخ. كان الكتاب المقدس مفتوحا أمامه منذ ساعات، وعيناه تتابعان الآيات المسطورة أمامه، ولكن عقله ذاهل عنها، وفكره مشغول بالعلل الأولى والأخيرة للأشياء، غارق في تأمل الحياة والموت والمصير. كانت هناك عبارة لم يمل من قراءتها، ولكنه لم يستطع أن يفهم معناها أو يصل إلى سرها: «لأن ألف سنة في عينيك مثل يوم أمس بعدما عبر وكهزيع من الليل».

نامعلوم صفحہ