أيها الإخوان الكرام، لا تخفزنكم بغتة كلماتي إلى هذا الحد من الثورة والهياج.
إن من أحدث هذا الحدث لكرام أشراف، ولست أدري ما الذي دفعهم إلى إتيان ذلك من شكاوي خصوصية وظلامات شخصية، إنما أعلم أنهم عقلاء نبلاء، وأنهم لا يكتمونكم الأسباب التي حدتهم إلى إتيان ما أتوه، أنا لم آتكم معشر الإخوان والخلان لأضلكم، وأغرر بكم بالختل والخداع وباجتذاب أهوائكم وامتلاك عواطفكم، وبعد فما أنا بالخطيب المدره المفوه كبروتاس، ولكني كما تعرفونني رجل ساذج صريح أحب صديقي، وهذا ما قد علمه الذين أذنوا لي أن أؤبنه على رءوس الأشهاد، فلقد علموا أني المرء لا ذكاء له ولا فطنة ولا هو بالمتمكن من لسانه المثري من ذخائر اللفظ الأنيق وكنوزه، القابض على ناصية البلاغة المتملك أعنة الفصاحة، ولا هو بالرجل الفعال الماضي العزائم، ولا بالخلاب منطقا، الساحر بيانا، القادر على استجاشة الدم في العروق والحمية في الصدور، إنما أرتجل القول ارتجالا؛ لا أزن ولا انتقد ولا اختار ولا أميز، وأقتضب الكلام اقتضابا وأبتسره
29
ابتسارا لا أمهله ولا أونيه
30
حتى تنضجه الروية، وتثقفه العناية، ويهذب من حواشيه الاحتفال والتأنق فلا ترونني مخبركم إلا بما تعلمون من قبل.
وأقصى ما لدي أن أريكم جراح قيصر البر الرحيم، أعرض عليكم منها أشباه الأفواه البكم، وأسألها أن تنطق عني وتتحدث، أما لو كنت أنا بروتاس، وكان بروتاس أنطانيوس لكان ذلكم أنطانيوسا
31
جديرا أن يستفز غضبكم، ويعير كل جرح من جراح قيصر لسانا ناطقا حريا أن يحرك أحجار روما، ويدفعها إلى التمرد والهياج.
الأهالي :
نامعلوم صفحہ