قال الشيخ: ويصير ذلكم لمثابة من علم أن في التجارة ربحا عظيما، وفي الطريق خوفا شديدا، فإنه تكون أقرب إلى التمسك بالتجارة والتحسس للطريق ممن لم يعرف ذلك وهذا مفلح عند كل عاقل، ولا يدفعه إلا معاند، فشبه الشيخ التجارة بالطاعة، والربح بالثواب، والطريق بالتكليف، والخوف بالعقاب.
وأما الأصل الثاني: وهو أن يحصل ما هو لطف بهذه الصفة واجب، فاعلم أولا أن الشيخ (رحمه الله) لما علم أن اللطف من فعلنا لا يجب أن يكون لطفا من فعل الواجب، أو ترك القبيح، أو فيهما جميعا، أو يكون لطفا في جميع ماكلفناه من واجب وغيره من فعل المندوب، وترك المكروه في كلامه في عقد الدلالة، فقال: إن معرفة الله تعالى لطف للمكلفين في القيام بما كلفوه، ويحصل ماهو لطف بهذه الصفة واجب.
فقوله: لطف للمكلفين في القيام بما كلفوه يريد لكل ما كلفوه من فعل أو ترك فيدخل فيه الواجب والمندوب والقبيح والمكروه، ولاشك أن معرفة الله تعالى، ومعرفة ثوابه لأهل طاعته وعصاته لأهل معصيته لطف في جميع ما كلفناه وهذه خاصية لهذه المعارف التي بها تفارق سائر الألطاف، فإنه لا يقطع في شيء منها بعموم كونه لطفا في جميع التكليف، ولها خاصة أخرى أيضا وهي أنا نقطع من جهة العقل على كونها لطفا لجميع المكلفين لا مفسدة فيها [49ب] اتفق العلماء في أمرين:
أحدهما: أن معرفة الله تعالى مصلحة لا مفسدة فيها.
والثاني: أن نعت الكافر والفاسق بينا بفسده، ولا مصلحة فيها.رجع.
وقوله في الأصل الثاني: ويحصل ما هو لطف بهذه الصفة واجب يريد بهذه الصفة التي ذكرها في الأصل الأول، وهو أنها لطف في جميع ماكلفنا لنحترز من ذلك من اللطف في فعل المندوب، وترك المكروه، فإنه ليس بواجب، وإن كان لطفا فلوا اطلق الكلام، فقال: ويحصل ماهو لطف واحد لا ينقص عليه باللطف في المندوب، والمكروه فاعرف ذلك.
صفحہ 89