وزیر ابن زیدون
الوزير ابن زيدون مع ولادة بنت المستكفي
اصناف
ماذا حدث بعد ذلك المقام، مما أضل فؤادك في أودية الغرام؟
أبو عامر :
قد عدت إلى هذا المكان بعدك ثانية، متبعا أثر من لها القلب مملوك والعين جارية؛ فألفيت جواريها تنشد من الأوج ما يطرب العراق، طال ليلي وغرامي لا يطاق، فأخبرتها أني كليم غرامها والذبيح، وسألتها أن تمن علي بما يرتاح إليه فؤادي الجريح، فصرحت بأن ذلك لا يكون، وكلمت قلبي بسيف الجفون فاستعملت بمراجعتها زخرف الكلام، وطفت في حرم احترامها لأفوز من ركن وصلها بالاستلام، فلم أنل منها إلا شدة النفار، وتضحية آمالي بعد رمي الجمار، وسألتها بلسان الضراعة عن اسمها الكريم؛ فاستجهلتني وقالت: من ينكر البدر في الليل البهيم، وكلامها الجامع بتوجيه المراجعة متشابه الأطراف، لم تخرج به عن القول بالموجب في مقابلة استخدام الاستعطاف، وقد استعملت بإشارتها الإبهام عند تحريك الأصابع، بما فهمت منه بالتلميح أن لها حبيبا هواه لفؤادها رائع، ولم ينجح لديها حسن البيان بعد براعة المنزع، واستعمل سيف جفنها مع عدم مراعاة النظر براعة المطلع، فراجعت تعطف أعطافها بانسجام المدامع؛ لم تلتفت إلي ووارت من إشراق محياها تلك المطالع.
حسان :
ما شاء الله لك معرفة بفن البديع، تطلع منه في كلامك أزهار الربيع! فهل عانيت مع ذلك علم المعاني، ووصلت إلى أبيات الوصل بعد الفصل من أبواب تلك المغاني، وقرعت باب الإنشاء للدخول إلى القصر، وفزت عند استعمال الإيجاز والإطناب من أفنان الفنون بالهصر، وعرفت أحوال الإسناد وحصلت من متعلقات الفعل على غاية المراد؟ عجل بتتميم الفائدة واشتغل عن النساء بما يقرى من المائدة.
أبو عامر :
بالله عليك أيها الخليل لا تتعمل العبث عند الجد بفؤادي العليل، واستمع تمام حديثي مع تلك الرعبوبة، والمهاة التي يطلب باز جفونها فؤادي وهي له مطلوبة، فإنها بعد إطالة المجادلة بما لا يقوى عليه الحديد تركت مرسلات دموعي ما عليها مزيد، وخرجت تجر ذوائبها على مران القوام، وخلفتني مسلسلا بسلاسل الوجد والغرام، فعرفني من هي ومن حبيبها، وانشر لدي نوافج أخبار عنها يضوع ولا يضيع طيبها.
حسان :
أعجل لك بفائدة إحدى القضيتين أيها المغبون، إن حبيبها الذي تشبب به هو أبو الوليد الوزير ابن زيدون؛ فتهيأ أيها الأعزل لكفاح من رمحه الأصم، واستعد لنطاحه وإن كنت في الحقيقة أجم.
أبو عامر :
نامعلوم صفحہ