أبا فَضْلُهُ الحذّاقَ أن يحذقوا به ... فلا اليد تحصيه ولا الفم حاسبه
فلم يغنه المجد الذي هو حائز ... تراثًا عن المجد الذي هو كاسبه
علا حزمه من طبعه متعقب ... يباعده الأمر الملوم مقاربه
فما سَدُّه مستأنسًا ما يريبه ... محاكيه السد الذي شادَ ماربه
معاطفه ما ضقن ذرعا بحادث ... جليل وإن كانت تخاف مَعَاطبه
إمامُ نديً في جامع المجدِ راتبٌ ... تحيل القضايا أن تنال مراتبه
منّور مرآت الفؤادِ مَوفّقٌ ... تراءى له من كل أمر عواقبه
تفرِّق ما يكفي البرِيَّة كفُه ... وتجمع من فوق التراب ترائبه
نسوجٌ على منوال ما كان ناسجًا ... على ذكره من عهد يحيى عناكبه
على يده الطولى تقمَّصت مِطرفا ... من العز والإثراء ها أنا ساحبه
أيجتمع البحران إلا إذا رسا ... سفينٌ مدنّات إليه قواربه
يحكمه ربَّاته في نفيسها ... ويدعوه فيما يصطفى فيجاوبه
فيصدر ركبا بعد ركب ثقيلة ... بما وهبت تلك اليمين ركائبه
فنبصره عذبا فراتا غطمطما ... يذِلُّ له حقو الاجاج وغاربه
تزاحم في بث الجميل تسابقًا ... إلى شكره أفواهه وحقائِبُهْ
إلى بابه في كل تيهاَء منهج ... يؤدي إليه طالبَ العرف لاحبُهْ
عجبتُ لأيدٍ كيف وارت بمضجع ... غمام أيادٍ يوعبُ الأرض صائِبُهْ
سقى الله قبرًا ضمُه وبلَ رحمةٍ ... من الرَّوح والرَّيحان تهمى سحائبه
وأوفض في وحش التراب بروحهِ ... إلى حيث أترابُ الجنانِ تلاعبه
فصاحب علىَّ الصبرَ فيه وآخِه ... فمحمودة عقبي من الصبر صاحبه
1 / 17