(*) ورضينا بكل كهل كريم * ثابت أسه من القمقام (1) نصر، عن رجل، عن محمد بن عتبة الكندى قال: حدثنى شيخ من حضر موت شهد مع على صفين فقال: كان منا رجل يدعى بهانئ بن نمر (2)، وكان هو الليث النهد، فخرج إليه رجل من أهل الشام يدعو إلى المبارزة، فلم يخرج إليه أحد فقال: سبحان الله، ما يمنعكم أن يخرج منكم رجل إلى هذا ؟ فلولا أنى موعوك وأنى أجد لذلك ضعفا [ شديدا ] لخرجت إليه.
فما رد عليه رجل من أصحابه شيئا، فوثب (3) فقال أصحابه: سبحان الله
تخرج وأنت موعوك ؟ ! قال: والله لأخرجن إليه ولو قتلني.
فلما رآه عرفه، وإذا الرجل من قومه يقال له يعمر بن أسيد (4) الحضرمي، وبينهما قرابة من قبل النساء، فقال له: يا هانئ ارجع، فإنه أن يخرج إلى غيرك أحب إلى، إنى لست أريد قتلك.
قال له هانئ: ما خرجت إلا وأنا موطن نفسي على القتل، [ لا والله، لأقاتلن اليوم حتى أقتل ]، ما أبالى قتلتنى أنت أو غيرك.
ثم مشى نحوه فقال: اللهم في سبيلك وسبيل رسولك، ونصرا لابن عم نبيك.
ثم اختلفا ضربتين، فقتل هانئ صاحبه، وشد أصحابه نحوه، وشد أصحاب هانئ نحوه، ثم اقتتلوا وانفرجوا عن اثنين وثلاثين قتيلا.
ثم إن عليا أرسل إلى الناس: أن احملوا.
فحمل الناس على راياتهم كل قوم بحيالهم (5)، فتجالدوا بالسيوف وعمد الحديد، لا يسمع إلا صوت ضرب الهامات كوقع المطارق على السنادين (6).
ومرت الصلوات كلها ولم يصلوا إلا تكبيرا
__________
(1) القمقام: العدد الكثير.
قال ركاض بن أباق: * من نوفل في الحسب القمقام * (2) ح (2: 285): " بن فهد ".
(3) في ح: " فقام وشد عليه سلاحه ليخرج ".
(4) ح: " بن أسد ".
(5) ح (2: 286): " كل منهم يحمل على من بإزائه ".
(6) في الأصل: " لا يسمع إلا صوت السنادين " وأثبت ما في ح.
صفحہ 393