وقعة صفين لنصر بن مزاحم المنقرى المتوفى سنة 212 تحقيق وشرح عبد السلام محمد هارون الطبعة الثانية 1382 ه ملتزم الطبع والنشر المؤسسة العربية الحديثة للطبع والنشر والتوزيع بسم الله الرحمن الرحيم أخبرنا الشيخ الحافظ شيخ الإسلام أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك ابن أحمد بن الحسن الأنماطي (1) قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفى (2) بقراءتي عليه في شهر ربيع الآخر من سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وقال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن جعفر الوكيل (3) قراءة عليه وأنا أسمع، في رجب من سنة ثمان وثلاثين
__________
(1) كان أبو البركات محدث بغداد، وهو أحد حفاظ الحنابلة، ولد سنة 462 وقرأ على ابن الطيورى جميع ما عنده.
وقال ابن الجوزى: " كنت أقرأ عليه الحديث وهو يبكى، فاستفدت ببكائه أكثر من استفادتي بروايته ".
وتوفى سنة 538.
انظر المنتظم (10: 108 - 109) وصفة الصفوة (2: 281) وتذكرة الحفاظ (4: 75 - 76) وشذرات الذهب (4: 116 - 117).
(2) هو أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن القاسم بن أحمد الصيرفى الطيورى،
ويعرف أيضا بابن الحمامى، والمحدث البغدادي، سمع أبا على بن شاذان، وأبا الفرج الطناجيرى وأبا الحسن العتيقي، وأبا محمد الخلال.
وكان عنده ألف جزء بخط الدارقطني.
وأكثر عنه السلفي، وانتقى عليه مائة جزء تعرف بالطيوريات.
وابن الحمامى بتخفيف الميم، كما في لسان الميزان (5: 11).
ولد سنة 411 وتوفى سنة 500.
انظر المنتظم (9: 154) ولسان الميزان (5: 9 - 11) وشذرات الذهب (3: 412).
(3) هو أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن جعفر بن أحمد بن جعفر بن الحسن بن وهب، أبو يعلى، المعروف بابن زوج الحرة.
سمع موسى بن جعفر، وأبا الحسن الدارقطني.
قال الطيب البغدادي: " كتبت عنه، وكان صدوقا يسكن درب المجوس من نهر طابق.
وسألته عن مولده فقال: ولدت بعد أن استخلف القادر بالله بأربعين يوما.
صفحہ 1
وكان (*) وأربعمائة، قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن ثابت بن عبد الله بن محمد بن ثابت الصيرفى (1)، قراءة عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو الحسن على بن محمد [ ابن محمد (2) ] بن عقبة بن الوليد بن همام بن عبد الله بن الحمار بن سلمة ابن سمير (3) بن أسعد بن همام (4) بن مرة بن ذهل بن شيبان بن ثعلبة بن عكابة ابن صعب بن على بن بكر بن وائل، قراءة عليه في سنة أربعين وثلاثمائة، قال: أخبرنا أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام النهدي الخزاز (5)، قال:
__________
استخلاف القادر بالله في يوم السبت الحادى عشر من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين وثلثمائة.
ومات أبو يعلى في يوم الخميس الرابع والعشرين من شهر شوال سنة ثمان وثلاثين وأربعمائة، ودفن من يومه بباب الدير قريبا من قبر معروف الكرخي ".
انطر تاريخ بغداد (4: 270).
(1) ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد (2: 111) وقال: سمع إسماعيل بن محمد الصفار، وأبا عمرو بن السماك، وعبد الصمد بن على الطستى.
وذكر أن وفاته في سنة
393.
وهى السنة التى توفى فيها أبو الفتح عثمان بن جنى، والقاضى على بن عبد العزيز الجرجاني.
(2) هذه التكملة ثابتة في سائر أسانيد أجزاء الكتاب، وكذلك في ترجمته من منتهى المقال ص 225، قال: " سمع منه التلعكبرى بالكوفة وببغداد، وله منه إجازة ".
والتلعكبري الذى يشير إليه هو أبو محمد هارون بن موسى بن أحمد بن سعيد الشيباني، ترجم له صاحب منتهى المقال في ص 320 - 321.
(3) ما بعد " الوليد " إلى هنا لم أجده فيما لدى من المراجع.
(4) ذكر في نهاية الأرب (2: 333): " الأسعد بن همام ".
وانظر لإدخال أل على الأعلام التى هي في الأصل صفات ما كتبت في حواشى الحيوان (3: 382) ومجلة الثقافة 2152.
(5) هو أبو محمد سليمان بن الربيع بن هشام بن عزور بن مهلهل، النهدي الكوفى.
قدم بغداد وحدث بها عن حصين بن مخارق، وهمام بن مسلم الزاهد، وأبى نعيم الفضل بن دكين، وروى عنه محمد بن جرير الطبري، ويحيي بن صاعد، ومحمد بن مخلد العطار.
توفى بالكوفة سنة 274.
انظر تاريخ بغداد (9: 54 - 55) ولسان الميزان (3: 91).
صفحہ 2
(*) أنبأنا نصر بن مزاحم التميمي، قال عمر بن سعد بن أبى الصيد الأسدى (1) عن الحارث بن حصيرة (2) عن عبد الرحمن بن عبيد بن أبى الكنود وغيره قالوا: لما قدم على بن أبى طالب من البصرة إلى الكوفة يوم الاثنين لثنتى عشرة ليلة مضت من رجب سنة ست وثلاثين، وقد أعز الله نصره وأظهره على عدوه، ومعه أشراف الناس وأهل البصرة، استقبله أهل الكوفة وفيهم
قراؤهم وأشرافهم، فدعوا له بالبركة وقالوا: يا أمير المؤمنين، أين تنزل ؟ أتنزل القصر ؟ فقال: لا، ولكني أنزل الرحبة.
فنزلها وأقبل حتى دخل المسجد الأعظم فصلى فيه ركعتين، ثم صعد المنبر فحمد الله وأثنى عليه وصلى على رسوله وقال: " أما بعد يا أهل الكوفة فإن لكم في الإسلام فضلا ما لم تبدلوا وتغيروا.
دعوتكم إلى الحق فأجبتم، وبدأتم بالمنكر فغيرتم.
ألا إن فضلكم فيما بينكم وبين الله في الأحكام والقسم.
فأنتم أسوة من أجابكم ودخل فيما دخلتم فيه.
ألا إن أخوف ما أخاف عليكم اتباع الهوى، وطول الأمل.
فأما اتباع الهوى فيصد عن الحق، وأما طول الأمل فينسى الآخرة.
ألا إن الدنيا قد ترحلت مدبرة، والآخرة ترحلت مقبلة، ولكل واحدة منها بنون، فكونوا من أبناء الآخرة.
اليوم عمل ولا حساب، وغدا حساب ولا عمل.
__________
(1) في ميزان الاعتدال (2: 258): " عمر بن سعد.
عن الأعمش.
شيعي بغيض.
قال أبو حاتم: متروك الحديث).
(2) هو الحارث بن حصيرة الأزدي، أبو النعمان الكوفى.
روى عن زيد بن وهب وأبى صادق الأزدي، وجابر الجعفي.
وعنه: عبد الواحد بن زياد، والثوري، ومالك بن مغول، وعبد السلام بن حرب.
قال ابن عدى: عامة روايات الكوفيين عنه في فضائل أهل البيت.
وهو يعد من المحترفين بالكوفة في التشيع.
وحصيرة، بفتح المهملة وكسر المهملة بعدها.
وفي الأصل: (حضيرة) بالضاد المعجمة، تحريف.
انظر تهذيب التهذيب (2: 140) وتقريب التهذيب 87.
صفحہ 3
(*) الحمد لله الذى نصر وليه، وخذل عدوه، وأعز الصادق المحق، وأذل الناكث المبطل.
عليكم بتقوى الله وطاعة من أطاع الله من أهل بيت نبيكم، الذين هم أولى بطاعتكم فيما أطاعوا الله فيه، من المنتحلين المدعين
المقابلين إلينا (1)، يتفضلون بفضلنا، ويجاحدونا أمرنا، وينازعونا حقنا، ويدافعونا عنه (2).
فقد ذاقوا وبال ما اجترحوا فسوف يلقون غيا.
ألا إنه قد قعد عن نصرتي منكم رجال فأنا عليهم عاتب زار.
فاهجروهم وأسمعوهم ما يكرهون حتى يعتبوا (3)، ليعرف بذلك حزب الله عند الفرقة ".
فقام إليه مالك بن حبيب اليربوعي - وكان صاحب شرطته - فقال: والله إنى لأرى الهجر وإسماع المكروه لهم قليلا.
والله لئن أمرتنا لنقتلنهم فقال على: سبحان الله يا مال، جزت المدى، وعدوت الحد، وأغرقت في النزع ! فقال: يا أمير المؤمنين، لبعض الغشم أبلغ في أمور تنو بك من مهادنة الأعادي.
فقال على: ليس هكذا قضى الله يا مال، قتل النفس بالنفس فما بال الغشم (4).
وقال: (ومن قتل مظلوما فقد جعلنا لوليه سلطانا فلا يسرف في القتل إنه كان منصورا).
والإسراف في القتل أن تقتل غير قاتلك، فقد نهى الله عنه، وذلك هو الغشم.
فقام إليه أبو بردة بن عوف الأزدي - وكان ممن تخلف عنه - فقال:
__________
(1) في ح (1: 256): (القائلين إلينا).
(2) كذا وردت الأفعال الثلاثة هنا وفي ح بحذف نون الرفع لغير ناصب أو جازم، وهى لغة صحيحة.
انظر خزانة الأدب (3: 525 - 526).
(3) الإعتاب: إعطاء العتبى، وهى الرضا.
وأعتبنى فلان: ترك ما كنت أجد عليه من أجله.
(4) في ح (1: 257) " قال سبحانه النفس بالنفس فما بال ذكر النفس ".
صفحہ 4
(*) يا أمير المؤمنين، أرأيت القتلى حول عائشة والزبير وطلحة، بم قتلوا (1) ؟ قال: " قتلوا شيعتي وعمالي، وقتلوا أخا ربيعة العبدى، رحمة الله عليه، في عصابة
من المسلمين قالوا: لا ننكث كما نكثتم، ولا نغدر كما غدرتم.
فوثبوا عليهم فقتلوهم، فسألتهم أن يدفعوا إلى قتلة إخوانى أقتلهم بهم، ثم كتاب الله حكم بينى وبينهم، فأبوا على، فقاتلوني وفي أعناقهم بيعتى، ودماء قريب من ألف رجل من شيعتي، فقتلتهم بهم، أفى شك أنت من ذلك ؟ ".
قال: قد كنت في شك، فأما الآن فقد عرفت، واستبان لى خطأ القوم، وأنك أنت المهدى المصيب.
وكان أشياخ الحى يذكرون أنه كان عثمانيا، وقد شهد مع على على ذلك صفين، ولكنه بعد ما رجع كان يكاتب معاوية، فلما ظهر معاوية أقطعه قطيعة بالفلوجة (2)، وكان عليه كريما.
ثم إن عليا تهيأ لينزل، وقام رجال ليتكلموا، فلما رأوه نزل جلسوا وسكتوا.
نصر: أبو عبد الله سيف بن عمر، عن سعد بن طريف، عن الأصبغ بن نباتة، أن عليا لما دخل الكوفة قيل له: أي القصرين ننزلك ؟ قال: " قصر الخبال لا تنزلونيه ".
فنزل على جعدة بن هبيرة المخزومى (3).
نصر، عن الفيض بن محمد، عن عون بن عبد الله بن عتبة، قال: لما قدم
__________
(1) في ح: " علام قتلوا.
أو قال: بم قتلوا ؟ ".
(2) الفلوجتان: قريتان كبيرتان من سواد بغداد والكوفة قرب عين التمر.
ويقال الفلوجة الكبرى والفلوجة الصغرى والفلوجة العليا والفلوجة السفلى أيضا.
(3) قال ابن أبى الحديد: " قلت: جعدة ابن أخت هانئ بنت أبى طالب، كانت تحت هبيرة بن أبى وهب المخزومى، فأولدها جعدة ".
صفحہ 5
(*) على الكوفة نزل على باب المسجد فدخل وصلى، ثم تحول فجلس إليه الناس،
فسأل عن رجل من أصحابه كان ينزل الكوفة، فقال قائل: استأثر الله به.
فقال: " إن الله لا يستأثر بأحد من خلقه "، وقرأ: (وكنتم أمواتا فأحياكم ثم يميتكم ثم يحييكم).
قال: فلما لحق الثقل قالوا: أي القصرين تنزل ؟ فقال: " قصر الخبال لا تنزلونيه (1) ".
نصر، عن سيف قال: حدثنى إسماعيل بن أبى عميرة، عن عبد الرحمن ابن عبيد بن أبى الكنود، أن سليمان بن صرد الخزاعى (2) دخل على على ابن أبى طالب بعد رجعته من البصرة، فعاتبه وعذله وقال له: " ارتبت وتربصت وراوغت، وقد كنت من أوثق الناس في نفسي وأسرعهم - فيما أظن - إلى نصرتي، فما قعد بك عن أهل بيت نبيك، وما زهدك في نصرهم ؟ ".
فقال يا أمير المؤمنين، لا تردن الأمور على أعقابها، ولا تؤنبنى بما مضى منها واستبق مودتي يخلص (3) لك نصيحتي.
وقد بقيت أمور تعرف فيها وليك من عدوك.
فسكت عنه وجلس سليمان قليلا، ثم نهض فخرج إلى الحسن بن على وهو قاعد في المسجد، فقال: ألا أعجبك من أمير المؤمنين وما لقيت
__________
(1) ح: " قالوا انزل القصر.
فقال: قصر الجبال لا تنزلوا فيه ".
ولم أجد ذكرا لهذا القصر برسميه اللذين وردا في الأصل وح.
لكن وجدت السيد فرج الله الحسينى قد كتب " أراد منه عليه السلام قصر دار الامارة، فكأنه سماها به لما وقع فيها قبله من أمراء الجور وعمال أهل النفاق والشقاق، من الهلكة والنقصان ".
(2) هو سليمان بن صرد، المهملة وفتح الراء، بن الجون الخزاعى، أبو مطرف الكوفى.
صحابي جليل.
قال ابن حجر: وكان خيرا فاضلا شهد صفين مع على وقتل حوبشا مبارزة، ثم كان ممن كاتب الحسين ثم تخلف عنه، ثم قدم هو والمسيب بن نجبة في آخرين فخرجوا في الطلب بدمه وهم أربعة آلاف، فالتقاهم عبيد الله بن زياد بعين الوردة بعسكر مروان، فقتل سليمان ومن معه، وذلك في سنة خمس وستين.
انظر الإصابة وتهذيب
التهذيب.
(3) ح: (تخلص).
صفحہ 6
(*) منه من التبكيت والتوبيخ ؟ فقال له الحسن: إنما يعاتب من ترجى مودته ونصيحته.
فقال: إنه بقيت أمور سيستوسق فيها القنا (1)، وينتضى فيها السيوف ويحتاج فيها إلى أشباهي، فلا تستغشوا عتبى (2)، ولا نتهموا نصيحتي.
فقال له الحسن: رحمك الله: ما أنت عندنا بالظنين.
نصر، عن عمر - يعنى ابن سعد - عن نمير بن وعلة (3) عن الشعبى (4)، أن سعيد بن قيس دخل على على بن أبى طالب فسلم عليه، فقال له على: " وعليك، وإن كنت من المتربصين ".
فقال: حاش لله يا أمير المؤمنين لست من أولئك.
قال: فعل الله ذلك ".
نصر، عن عمر بن سعد، عن يحيى بن سعيد، عن محمد بن مخنف قال: دخلت مع أبى على على عليه السلام حين قدم من البصرة، وهو عام بلغت الحلم، فإذا بين يديه رجال يؤنبهم ويقول لهم: ما بطأ بكم عنى وأنتم أشراف قومكم ؟ والله لئن كان من ضعف النية وتقصير البصيرة ؟ إنكم لبور (5).
والله لئن كان من شك في فضلى ومظاهرة على إنكم لعدو ".
قالوا: حاش لله يا أمير المؤمنين، نحن سلمك وحرب عدوك.
ثم اعتذر القوم، فمنهم من
__________
(1) القنا: الرماح.
والاستيساق: الاجتماع، وفعله لازم.
وفي حديث أحد: " استوسقوا كما يستوسق جرب الغنم "، أي استجمعوا وانضموا.
وبدلها في ح: " سيسرع فيها القتال ".
(2) استغشه واغتشه: ظن به الغش، وهو خلافه استنصحه.
وفي الأصل: " لا تستبشعوا غيبتى " صوابها في ح.
(3) ذكره في لسان الميزان مصحفا برسم نمير بن دعلمة .
(4) هو عامر بن شراحيل الحميرى أبو عمرو الكوفى، ثقة مشهور.
روى عن أبى هريرة، وعائشة، وابن عباس وغيرهم.
أو عنه ابن سيرين، والأعمش، وشعبة، وجابر الجعفي.
لسان الميزان (6: 840).
(5) البور بالضم: الهالك، يقال رجل بور، ورجلان بور، وقوم بور، وكذلك الأنثى...اللسان.
(*) ذكر عذره، ومنهم من اعتل بمرض، ومنهم من ذكر غيبة.
صفحہ 7
فنظرت إليهم فإذا عبد الله بن المعتم العبسى (1)، وإذا حنظلة بن الربيع التميمي - وكلاهما كانت له صحبة - وإذا أبو بردة بن عوف الأزدي، وإذا غريب بن شرحبيل الهمداني.
قال: ونظر على إلى أبى فقال: " لكن مخنف بن سليم وقومه لم يتخلفوا، ولم يكن مثلهم مثل القوم الذين قال الله تعالى: (وإن منكم لمن ليبطئن فإن أصابتكم مصيبة قال قد أنعم الله على إذ لم أكن معكم شهيدا.
ولئن أصابكم فضل من الله ليقولن كأن لم تكن بينكم وبينه مودة يا ليتنى كنت معهم فأفوز فوزا عظيما (2)) ".
ثم إن عليا مكث بالكوفة، فقال الشنى في ذلك (3) شن بن عبد القيس: قل لهذا الإمام قد خبت الحر * ب وتمت بذلك النعماء وفرغنا من حرب من نقض العه * د وبالشام حية صماء تنفث السم ما لمن نهشته، * فارمها قبل أن تعض، شفاء إنه والذى يحج له النا * س ومن دون بيته البيداء
__________
(1) هو عبد الله بن المعتم، بضم الميم وسكون المهملة وفتح المثناة وتشديد الميم، قال ابن حجر: " له صحبة، وهو ممن تخلف عن على يوم الجمل...وقال أبو زكريا الموصلي في
تاريخ الموصل: هو الذى فتح الموصل ".
وفي ح: " عبيد الله " بالتصغير، محرف.
انظر الإصابة 4957.
(2) الآيتان 72، 73 من سورة النساء.
(3) هو الأعور الشني، بشر بن منقذ، أحد بنى شن بن أفصى بن عبد القيس بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار.
قال الآمدي: " شاعر خبيث، وكان مع على رضى الله عنه يوم الجمل ".
انظر المؤتلف 38، 60.
صفحہ 8
(*) لضعيف النخاع إن رمى اليو * م بخيل كأنها الأشلاء (1) جانحات تحت العجاج سخالا * مجهضات تخالها الأشلاء (2) تتبارى بكل أصيد كالفح * ل بكفيه صعدة سمراء ثم لا ينثنى الحديد ولما * يخضب العاملين منها الدماء إن تذره (3) فما معاوية الده * ر بمعطيك ما أراك تشاء ولنيل السماك أقرب من ذا * ك ونجم العيوق والعواء (4) فاضرب الحد والحديد (5) إليهم * ليس والله غير ذاك دواء حدثنا نصر عن أبى عبد الله سيف بن عمر، عن الوليد بن عبد الله، عن أبى طيبة (6)، عن أبيه قال: أتم على الصلاة يوم دخل الكوفة، فلما كانت الجمعة وحضرت الصلاة صلى بهم وخطب خطبة.
__________
(1) أشلاء الانسان: أعضاؤه بعد البلى والتفرق.
وقد مثل الخيل في تفرقها للغارة بالأعضاء المتناثرة.
(2) جانحات: أراد أنها تكسر جوانح هذه السخال.
والجوانح: الضلوع القصار التى في مقدم الصدر، والواحدة جانحة، يقال جنح البعير: انكسرت جوانحه من الحمل الثقيل.
والسخال: جمع سخلة، وهى ولد الشاة من المعز والضأن ذكرا كان أو أنثى.
ويقال أيضا
في الخيل، كما هنا وكما في قول عبد الله بن عنمة: يطرحن سخل الخيل في كل منزل * تبين منه شقرها وورادها.
انظر المفضلية (114: 9 طبع المعارف).
وفي الأصل وح: " سحال " محرفة.
والمجهضات: التى ألقيت لغير تمام ولما يستبن خلقها.
والأسلاء: جمع سلى، وهو الجلدة الرقيقة التى يكون فيها الولد.
وفي البيت إقواء.
(3) في الأصل: " أو تذره "، صوابه من ح.
(4) السماك والعيون والعواء: نجوم في السماء.
ح: " ولنيل السماء ".
(5) ح: " فأعد بالجد والحديد "، صواب هذه: " فاغد بالجد والحديد ".
(6) أبو طيبة، بفتح المهملة بعدها مثناة تحتة ساكنة ثم باء موحدة، واسمه عبد الله بن مسلم السلمى المروزى، كان قاضيا بمرو.
صفحہ 9
(*) نصر: قال أبو عبد الله، عن سليمان بن المغيرة، عن على بن الحسين: خطبة على بن أبى طالب في الجمعة بالكوفة والمدينة: " إن الحمد لله، أحمده (1) وأستعينه وأستهديه، وأعوذ بالله من الضلالة.
من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادى له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله، انتجبه (2) لأمره، واختصه بالنبوة، أكرم خلقه وأحبهم إليه، فبلغ رسالة ربه، ونصح لأمته، وأدى الذى عليه.
وأوصيكم بتقوى الله ، فإن تقوى الله خير ما تواصى به عباد الله وأقربه لرضوان الله، وخيره في عواقب الأمور عند الله.
وبتقوى الله أمرتم، وللإحسان والطاعة خلقتم.
فاحذروا من الله ما حذركم من نفسه، فإنه حذر بأسا شديدا.
واخشوا الله خشية ليست بتعذير (3)، واعملوا في غير رياء ولا سمعة، فإن من عمل لغير الله وكله الله إلى ما عمل له، ومن عمل لله مخلصا
تولى الله أجره.
وأشفقوا من عذاب الله، فإنه لم يخلقكم عبثا، ولم يترك شيئا من أمركم سدى، قد سمى آثاركم، وعلم أعمالكم، وكتب آجالكم.
فلا تغروا بالدنيا فإنها غرارة بأهلها، مغرور من اغتر بها، وإلى فناء ما هي.
وإن الآخرة هي دار الحيوان لو كانوا يعلمون.
أسأل الله منازل الشهداء، ومرافقة الأنبياء، ومعيشة السعداء، فإنما نحن له وبه ".
ثم إن عليا عليه السلام أقام بالكوفة، واستعمل العمال.
__________
(1) ح: " الحمد الذى أحمده ".
(2) في اللسان: " انتجب فلان فلانا، إذا استخلصه واصطفاه اختيارا على غيره ".
ح: " انتخبه ".
والانتخاب بالخاء: الاختيار.
(3) التعذير: التقصير مع إظهار الاجتهاد.
وفي الحديث: " جاء بطعام جشيب فكنا نعذر "، أي نقصر ونظهر أننا مجتهدون.
صفحہ 10
(*) نصر، عن عمر بن سعد قال: حدثنا يحيى بن سعيد، والصقعب بن زهير عن يوسف وأبى روق، أن عليا حين قدم من البصرة إلى الكوفة بعث يزيد بن قيس الأرحبى على المدائن وجوخا كلها.
وقال أصحابنا: وبعث مخنف بن سليم على أصبهان وهمدان.
نصر، عن محمد بن عبيد الله، عن الحكم، قال: لما هرب مخنف بالمال قال على عليه السلام: " عذرت القردان فما بال الحلم (1) ؟ ".
ثم رجع إلى حديث عمر بن سعد، قال: وبعث قرظة بن كعب على البهقباذات (2)، وبعث قدامه بن مظعون الأزدي على كسكر، وعدى بن الحارث على مدينة بهرسير وأستانها (3)، وبعث أبا حسان البكري على أستان العالي (4)، وبعث سعد بن مسعود الثقفى على أستان الزوابى (5)،
__________
(1) القردان: جمع قراد، بالضم.
والحلم جنس منه صغار.
قال الميداني: " وهذا قريب من قولهم: " استنت الفصال حتى القرعى ".
وفي الأصل: " غددت القردان فما بال الحكم " محرف، وصواب النص من مجمع الأمثال (1: 443)، ولم يذكر نسبته إلى على.
(2) هن ثلاث بهقباذات ذكرها ياقوت في معجمه.
وبهقباذ، بالكسر ثم السكون وضم القاف وباء موحدة وألف وذال معجمة.
ثلاث كور ببغداد منسوبة إلى قباذ بن فيروز والد أنو شروان.
وفي الأصل: " البهقياذات " محرفة.
(3) بهرسير، بالفتح ثم الضم وفتح الراء وكسر السين المهملة: من نواحى سواد بغداد.
والأستان، قال العسكري: مثل الرستاق بالضم: السواد والقرى.
انظر معجم البلدان (1: 223 س 12) والقاموس (رزدق ورستق).
والأستان، بالضم، كما في القاموس.
(4) في معجم البلدان: " الأستان العالي " وقال: كورة في غربي بغداد من السواد تشتمل على أربعة طساسيج: وهى الأنبار، وبادرويا، وقضربل، ومسكن.
(5) الزوابى، بالزاى المعجمة، قال ياقوت: " في العراق أربعة أنهر، نهران فوق بغداد ونهران تحتها، يقال لكل واحد منها الزاب ".
وقال في مادة " الزاب ": " وربما قيل لكن واحد زابى والتثنيه زابيان...وإذا جمعت قيل لها الزوابى ".
وقد تكون: الروابي "، ففى المعجم: " روابي بنى تميم من نواحى الرقة.
عن نصر ".
صفحہ 11
(*) واستعمل ربعى بن كاس على سجستان - وكاس أمه يعرف بها - وهو من بنى تميم.
وبعث خليدا إلى خراسان، فسار خليد حتى إذا دنا من نيسابور بلغه أن أهل خراسان قد كفروا ونزعوا يدهم من الطاعة، وقدم عليهم عمال كسرى من كابل، فقاتل أهل نيسابور فهزمهم وحصر أهلها وبعث إلى على بالفتح والسبي، ثم صمد لبنات كسرى فنزلن على أمان، فبعث بهن إلى
على عليه السلام، فلما قدمن عليه قال: أزوجكن ؟ قلن: لا، إلا أن تزوجنا ابنيك، فإنا لا نرى لنا كفوا غيرهما.
فقال على عليه السلام: اذهبا حيث شئتما.
فقام نرسا فقال: مر لى بهن، فإنها منك كرامة، فبيني وبينهن قرابة (1).
ففعل فأنزلهن نرسا معه، وجعل يطعمهن ويسقيهن في الذهب والفضة، ويكسوهن كسوة الملوك، ويبسط لهن الديباج.
وبعث على الأشتر على الموصل ونصيبين، ودارا، وسنجار، وآمد، وهيت، وعانات، وما غلب عليه من تلك الأرضين من أرض الجزيرة.
وبعث معاوية بن أبى سفيان الضحاك بن قيس على ما في سلطانه من أرض الجزيرة، وكان في يديه حران والرقة والرها وقر قيسيا.
وكان من كان بالكوفة والبصرة من العثمانية قد هربوا فنزلوا الجزيرة في سلطان معاوية، فخرج الأشتر وهو يريد الضحاك بن قيس بحران، فلما بلغ ذلك الضحاك بعث إلى أهل الرقة فأمدوه، وكان جل أهلها يومئذ عثمانية، فجاءوا وعليهم سماك بن مخرمة، وأقبل الضحاك يستقبل الأشتر، فالتقى الضحاك وسماك بن مخرمة، بمرج مرينا بين حران والرقة، فرحل الأشتر حتى نزل عليهم فاقتتلوا اقتتالا شديدا حتى كان عند المساء، فرجع الضحاك بمن معه فسار ليلته كلها حتى
__________
(1) أشار ناسخ الأصل إلى أن في بعض النسخ: " لأن بينى وبينهن قرابة ".
صفحہ 12
(*) صبح بحران فدخلها، وأصبح الأشتر فرأى ما صنعوا فتبعهم حتى نزل عليهم بحران فحصرهم، وأتى الخبر معاوية فبعث إليهم عبد الرحمن بن خالد في خيل يغيثهم، فلما بلغ ذلك الأشتر كتب كتائبه، وعبى جنوده وخيله، ثم ناداهم الأشتر: ألا إن الحى عزيز، ألا إن الذمار منيع، ألا تنزلون أيها الثعالب الرواغة ؟ احتجرتم احتجار الضباب.
فنادوا: يا عباد الله
أقيموا قليلا، علمتم والله أن قد أتيتم.
فمضى الأشتر حتى مر على أهل الرقة فتحرزوا منه، ثم مضى حتى مر على أهل قرقيسيا فتحرزوا منه، وبلغ عبد الرحمن بن خالد انصراف الأشتر فانصرف.
فلما كان بعد ذلك عاتب أيمن بن خريم الأسدى معاوية، وذكر بلاء قومه بنى أسد [ في مرج (1) ] مرينا.
وفي ذلك يقول: أبلغ أمير المؤمنين رسالة * من عاتبين مساعر أنجاد منيتهم، أن آثروك، مثوبة * فرشدت إذ لم توف بالميعاد أنسيت إذ في كل عام غارة * في كل ناحية كرجل جراد (2) غارات أشتر في الخيول يريدكم * بمعرة ومضرة وفساد وضع المسالح مرصدا لهلاككم * ما بين عانات إلى زيداد (3) وحوى رساتيق الجزيرة كلها * غصبا بكل طمرة وجواد لما رأى نيران قومي أوقدت * وأبو أنيس فاتر الإيقاد أمضى إلينا خيله ورجاله * وأغذ لا يجرى لأمر رشاد
__________
(1) الكلمتان ساقطتان من الأصل.
(2) الرجل، بالكسر: الجراد الكثير، وجمعه أرجال.
(3) زيداد، لم أجد لها ذكرا في كتب البلدان، ولعلها " سنداد ".
صفحہ 13
(*) ثرنا إليهم عند ذلك بالقنا * وبكل أبيض كالعقيقة صاد (1) في مرج مرينا (2) ألم تسمع بنا * نبغى الإمام به وفيه نعادي لو لا مقام عشيرتي وطعانهم * وجلادهم بالمرج أي جلاد لأتاك أشتر مذحج لا ينثنى * بالجيش ذا حنق عليك وآد (3) نصر: عبد الله بن كردم بن مرثد، قال: لما قدم على عليه السلام حشر
أهل السواد، فلما اجتمعوا أذن لهم، فلما رأى كثرتهم قال: إنى لا أطيق كلامكم، ولا أفقه عنكم، فأسندوا أمركم إلى أرضاكم في أنفسكم، وأعمه نصيحة لكم.
قالوا: نرسا، ما رضى فقد رضيناه، وما سخط فقد سخطناه.
فتقدم فجلس إليه فقال: أخبرني عن ملوك فارس كم كانوا ؟ قال: كانت ملوكهم في هذه المملكة الآخرة اثنين وثلاثين ملكا (4).
قال: فكيف كانت سيرتهم ؟ قال: ما زالت سيرتهم في عظم أمرهم واحدة (5)، حتى ملكنا كسرى بن هرمز، فاستأثر بالمال والأعمال، وخالف أولينا، وأخرب الذى للناس، وعمر الذى له، واستخف بالناس، فأوغر نفوس فارس، حتى ثاروا عليه فقتلوه، فأرملت نساؤه ويتم أولاده.
فقال: يا نرسا، إن الله عز وجل خلق الخلق بالحق، ولا يرضى من أحد إلا بالحق، وفي سلطان الله
__________
(1) العقيقة: البرق إذا رأيته في وسط السحاب كأنه سيف مسلول.
(2) شدد راء " مرينا " للشعر، وأصلها التخفيف كما في القاموس.
ومرينا: فوم من أهل الحيرة من العباد.
قال الجواليقى: " وليس مرينا بكلمة عربية ".
وأنشد لامرئ القيس: فلو في يوم معركة أصيبوا * ولكن في ديار بنى مرينا (3) الآد والأيد: القوة (4) جعلهم المسعودي في التنبيه والإشراف 87 - 90 ثلاثين ملكا.
وهم الساسانيون.
(5) عظم الأمر بالضم والفتح: معظمه.
صفحہ 14
(*) تذكرة مما خول الله، وإنها لا تقوم مملكة إلا بتدبير، ولا بد من إمارة، ولا يزال أمرنا متماسكا ما لم يشتم آخرنا أولنا، فإذا خالف آخرنا أولنا وأفسدوا، هلكوا وأهلكوا.
ثم أمر عليهم أمراءهم.
ثم إن عليا عليه السلام بعث إلى العمال في الآفاق، وكان أهم الوجوه إليه الشام.
نصر، عن محمد بن عبيد الله القرشى، عن الجرجاني قال: لما بويع على وكتب إلى العمال في الآفاق كتب إلى جرير بن عبد الله البجلى، وكان جرير عاملا لعثمان على ثغر همدان (1)، فكتب إليه مع زحر بن قيس الجعفي (2): " أما بعد فإن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم، وإذا أراد الله بقوم سوءا فلا مرد له وما لهم من دونه من وال.
وإنى أخبرك عن نبأ (3) من سرنا إليه من جموع طلحة والزبير، عند نكثهم بيعتهم (4)، وما صنعوا بعاملى عثمان بن حنيف (5).
إنى هبطت من المدينة بالمهاجرين والأنصار، حتى إذا كنت بالعذيب بعثت إلى أهل الكوفة بالحسن بن على، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عبادة، فاستنفروهم
__________
(1) همدان، كذا وردت في الأصل وفي ح (1: 246).
وهما لغتان في همذان.
ولغة الإهمال هي الفارسية، وبالإعجام معربة.
انظر معجم استينجاس 1509.
(2) زحر، بفتح الزاى وسكون الحاء المهملة.
وهو زحر بن قيس الكوفى الجعفي، أحد أصحاب على بن أبى طالب، أنزله المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة، روى عنه عامر الشعبى، وحصين بن عبد الرحمن.
انظر تاريخ بغداد 4605.
ح: " زجر " محرف.
(3) ح: " عن أنباء ".
(4) ح: " بيعتى ".
(5) حنيف، بهيئة التصغير.
وعثمان بن حنيف صحابي أنصارى، شهد أحدا، وكان على استعمله على البصرة قبل أن يقدم عليها فغلبه عليها طلحة والزبير.
ومات في خلافة معاوية.
الاصابة 5427.
صفحہ 15
(*) فأجابوا، فسرت بهم حتى نزلت بظهر البصرة فأعذرت في الدعاء، وأقلت العثرة، وناشدتهم عقد بيعتهم (1) فأبوا إلا قتالي، فاستعنت بالله عليهم، فقتل من قتل وولوا مدبرين إلى مصرهم، فسألوني ما كنت دعوتهم إليه قبل اللقاء، فقبلت العافية، ورفعت السيف، واستعملت عليهم عبد الله بن عباس، وسرت إلى الكوفة.
وقد بعثت إليكم زحر (2) بن قيس، فاسأل (3) عما بدا لك ".
قال: فلما قرأ جرير الكتاب قام فقال: أيها الناس، هذا كتاب أمير المؤمنين على بن أبى طالب، وهو المأمون على الدين والدنيا، وقد كان من أمره وأمر عدوه ما نحمد الله عليه.
وقد بايعه السابقون الأولون (4) من المهاجرين والأنصار والتابعين بإحسان.
ولو جعل هذا الأمر شورى بين المسلمين كان أحقهم بها.
ألا وإن البقاء في الجماعة، والفناء في الفرقة.
وعلى (5) حاملكم على الحق ما استقمتم، فإن ملتم أقام ميلكم.
فقال الناس: سمعا وطاعة، رضينا رضينا.
فأجاب جرير وكتب جواب كتابه بالطاعة.
وكان مع على رجل من طيئ، ابن أخت لجرير، فحمل زحر بن قيس شعرا له إلى خاله جرير، وهو: جرير بن عبد الله لا تردد الهدى * وبايع علينا إننى لك ناصح فإن عليا خير من وطئ الحصى * سوى أحمد والموت غاد ورائح
__________
(1) ح: " عهد بيعتهم ".
(2) في الأصل وح: " زجر " بالجيم، محرفة.
(3) في ح: " فاسأله "، وفى الإمامة والسياسة (1: 78): " فاسأله عنا وعنهم ".
(4) ح: (الناس الأولون ".
(5) ح: " وإن عليا ".
صفحہ 16
(*) ودع عنك قول الناكثين فإنما * أولاك، أبا عمرو، كلاب نوابح وبايعه إن بايعته بنصيحة * ولا يك معها في ضميرك قادح (1) فإنك إن تطلب به الدين تعطه * وإن تطلب الدنيا فبيعك رابح وإن قلت عثمان بن عفان حقه * على عظيم والشكور مناصح فحق على إذ وليك كحقه، * وشكرك ما أوليت في الناس صالح (2) وإن قلت لا نرضى عليا إمامنا * فدع عنك بحرا ضل فيه السوائح أبى الله إلا أنه خير دهره * وأفضل من ضمت عليه الأباطح ثم قام زحر بن قيس خطيبا (3)، فكان مما حفظ من كلامه أن قال: " الحمد لله الذى اختار الحمد لنفسه وتولاه دون خلقه، لا شريك له في الحمد، ولا نظير له في المجد، ولا إله إلا الله وحده لا شريك له، القائم الدائم، إله السماء والأرض، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالنور الواضح (4) والحق الناطق، داعيا إلى الخير، وقائدا إلى الهدى ".
ثم قال: " أيها الناس، إن عليا قد كتب إليكم كتابا لا يقال بعده إلا رجيع من القول، ولكن لا بد من رد الكلام.
إن الناس بايعوا عليا بالمدينة من غير محاباة له بيعتهم،
__________
(1) القادح، بالتاف: أصله الاكل يقع في الشجر والأسنان، والمراد به الغش والدخل.
وفي اللسان: " قدح في ساق أخيه: غشه وعمل في شئ يكرهه ".
وفي الأصل: " فادح " بالفاء، وهو الحمل الثقيل والنازلة تنزل بالمرء.
والوجه ما أثبت من ح.
(2) وليه، كرضيه: صار وليا له.
وسكن الياء للشعر.
(3) كذا في الأصل.
وفي ح: " قال نصر: ثم إن جرير قام في أهل همدان خطيبا ".
وعقب ابن أبى الحديد على هذه الخطبة والشعر الذى بعدها بقوله: " قال نصر: فسر الناس بخطبة جرير وشعره ".
انظر ح (1: 247).
وقد مضت خطبة لجرير في الصفحة السابقة
فيصح ما هنا إن كان قد أشار إلى تلك الخطبة.
(4) في الأصل: " بالحق الواضح " وأثبت ما في ح.
صفحہ 17
(*) لعلمه بكتاب الله وسنن الحق، وإن طلحة والزبير نقضا بيعته على غير حدث، وألبا عليه الناس، ثم لم يرضيا حتى نصبا له الحرب، وأخرجا أم المؤمنين، فلقيهما فأعذر في الدعاء، وأحسن في البقية، وحمل الناس على ما يعرفون.
هذا عيان ما غاب عنكم.
ولئن سألتم الزيادة زدناكم، ولا قوة إلا بالله ".
وقال جرير في ذلك: أتانا كتاب على فلم * نرد الكتاب، بأرض العجم ولم نعص ما فيه لما أتى * ولما نذم (1) ولما نلم ونحن ولاة على ثغرها * نضيم العزيز ونحمى الذمم نساقيهم الموت عند اللقاء * بكأس المنايا ونشفى القرم طحناهم طحنة بالقنا * وضرب سيوف تطير اللمم مضينا يقينا على ديننا * ودين النبي مجلى الظلم أمين الإله وبرهانه * وعدل البرية والمعتصم رسول المليك، ومن بعده * خليفتنا القائم المدعم عليا عنيت وصى النبي * نجالد عنه غواة الأمم له الفضل والسبق والمكرمات * وبيت النبوة لا يهتضم (2) وقال رجل (3): لعمر أبيك والأنباء تنمى * لقد جلى بخطبته جرير
__________
(1) في الأصل: " ولما نضام "، صوابه من ح.
(2) بعد هذا في ح، كما سبق: " قال نصر: فسر الناس بخطبة جرير وشعره ".
(3) ح: وقال ابن الازور القسرى في جرير يمدحه بذلك " ق.
صفحہ 18
(*) وقال مقالة جدعت رجالا * من الحيين خطبهم كبير بدا بك قبل أمته على * ومخك إن رددت الحق رير (1) أتاك بأمره زحر بن قيس * وزحر بالتى حدثت خبير فكنت بما أتاك به سميعا * وكدت إليه من فرح تطير فأنت بما سعدت به ولى * وأنت لما تعد له نصير (2) ونعم المرء أنت له وزير * ونعم المرء أنت له أمير فأحرزت الثواب، ورب حاد * حدا بالركب ليس له بعير ليهنك ما سبقت به رجالا * من العلياء والفضل الكبير (3) وقال النهدي في ذلك: أتانا بالنبا زحر بن قيس * عظيم الخطب من جعف بن سعد (4) تخيره أبو حسن على * ولم يك زنده فيها بصلد رمى أعراض حاجته بقول * أخوذ للقلوب بلا تعد فسر الحى من يمن وأرضى * ذوى العلياء من سلفى معد (5)
__________
(1) مخ رير: ذائب فاسد من الهزال.
يقال مخ رار، ورير بالكسر، ورير بالفتح.
وفي الأصل: " يزير " وفي ح: " وتفخر إن رددت الحق زير " كلاهما محرف، والصواب ما أثبت.
(2) في الأصل: " بصير " بالباء، صوابه من ح.
(3) تقرأ بالرفع عطفا على: " ما سبقت "، وبالجر عطفا على " العلياء "، وفي القراءة الأخيرة إقواء.
(4) جعف، أراد " جعفى " وحقها أن تنتهى في الرسم بالياء، لكن كذا وردت في
الأصل وح.
وجعفى، بتشديد الياء، هم بنو سعد العشيرة بن مذحج، حى من اليمن.
(5) يعنى ربيعة ومضر ابني نزار بن عدنان.
صفحہ 19
(*) ولم يك قبله فينا خطيب * مضى قبلى ولا أرجوه بعدى متى يشهد فنحن به كثير * وإن غاب ابن قيس غاب جدى (1) وليس بموحشى أمر إذا ما * دنا منى وإن أفردت وحدي له دنيا يعاش بها ودين * وفي الهيجا كذى شبلين ورد قال: ثم أقبل جرير سائرا من ثغر همدان (2) حتى ورد على على عليه السلام بالكوفة، فبايعه ودخل فيما دخل فيه الناس، من طاعة على، واللزوم لأمره.
ثم بعث إلى الأشعث بن قيس الكندى.
نصر: محمد بن عبيد الله، عن الجرجاني قال: لما بويع على وكتب إلى العمال، كتب إلى الأشعث بن قيس مع زياد بن مرحب الهمداني، والأشعث على أذربيجان عامل لعثمان، وقد كان عمرو بن عثمان تزوج ابنة الأشعث بن قيس قبل ذلك، فكتب إليه على: " أما بعد، فلولا هنات كن فيك كنت المقدم في هذا الأمر قبل الناس، ولعل أمرك يحمل بعضه بعضا إن اتقيت الله ثم إنه كان من بيعة الناس إياى ما قد بلغك، وكان طلحة والزبير ممن بايعانى ثم نقضا بيعتى على غير حدث وأخرجا أم المؤمنين وسارا إلى البصرة ، فسرت إليهما فالتقينا، فدعوتهم إلى أن يرجعوا فيما خرجوا منه فأبوا، فأبلغت في الدعاء وأحسنت في البقية.
وإن عملك ليس لك بطعمة، ولكنه أمانة.
وفي يديك
__________
(1) الجد، ها هنا: الحظ.
(2) كذا وردت بإهمال الدال، كما هو أصلها الفارسى.
انظر التنبيه 1 ص 15.
صفحہ 20