1
حسن حنفي
مدينة نصر،
أكتوبر 2009
الفصل الأول
كيف يفسر القرآن؟
(1) كيف يفسر القرآن؟
ليس اليسار الإسلامي فقط اتجاها فكريا إسلاميا اجتماعيا سياسيا تقدميا يجمع بين الماضي والحاضر، بين الأصالة والمعاصرة، بين التراث والتجديد مثل كل الحركات الإصلاحية. بل هو أيضا نظرية أو منهج في التفسير يجمع بين النص والمصلحة، بين مقاصد الشريعة المستقرأة من الأصول وتفعيلها في الواقع المعاش في الزمان والمكان. وقد كان تقدم العلم باستمرار باكتشاف المناهج أكثر من معرفة الموضوعات. الموضوع نفسه منهج، وليس فقط بنية. والحياة نفسها منهج وليست فقط تجربة معاشة. والعالم كله منهج وليس فقط نسقا أو نظرية.
وهو ليس منهجا جديدا بل يضم معظم مناهج التفسير السابقة ويعيد استخدامها كأجزاء من منهج كلي أشمل. فهو يضم المنهج التاريخي الذي يعتبر النص مصدرا للمعلومات التاريخية يستقيها من خارجه، ومعظمها من الإسرائيليات وتاريخ الأديان السابقة في شبه الجزيرة العربية؛ لذلك ارتبط بعلم التاريخ، وكان المفسرون الأوائل مؤرخين مثل الطبري وابن كثير. لا يستعمل التاريخ إلا بقدر معرفة أسباب النزول وسياق الآيات، والناسخ والمنسوخ وتطور الأحكام الشرعية في الزمان وطبقا لتغير الظروف والأحوال لقد النص على الواقع، والحكم الشرعي على الطاقة.
ويضم المنهج اللغوي ليس من حيث الإعراب كالزجاج. فليست اللغة غاية في ذاتها. وليس القرآن كتابا للإعراب لاختبار قواعد النحو ورصد الاستثناءات بل تستعمل اللغة من خلال تحليل المضمون لمعرفة دلالتها على المعاني وكما هو الحال في فلسفة اللغة، دلالة الأسماء والأفعال والحروف والضمائر والإضافة، والفاعل والمفعول بأنواعه المختلفة، والمعرفة والنكرة، والشرط والمشروط، وأقسام الكلام، الخبر والإنشاء والمنادى والاستفهام.
نامعلوم صفحہ