وفا بہ احوال مصطفیٰ

ابن الجوزي d. 597 AH
86

وفا بہ احوال مصطفیٰ

الوفا بأحوال المصطفى

تحقیق کنندہ

مصطفى عبد القادر عطا

ناشر

دار الكتب العلمية

ایڈیشن نمبر

الأولى

اشاعت کا سال

1408هـ-1988م

پبلشر کا مقام

بيروت / لبنان

عن داود بن الحسين قال : لما خرج أبو طالب إلى الشام خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في المرة الأولى وهو ابن اثنتي عشرة سنة ، فلما نزل الركب بصرى من الشام وبها راهب في صومعة له ، وكان علماء النصارى يكونون في تلك الصومعة يتوارثونها عن كتاب يدرسونه . | فلما نزلوا بدير بحيرى وكانوا كثيرا ما يمرون به لا يكلمهم ، حتى إذا كان ذلك العام ونزلوا منزلا قريبا من صومعته قد كانوا ينزلونه قبل ذلك كلما مروا صنع لهم طعاما ودعاهم ، وإنما حمله على دعائهم أنه رآهم حين طلعوا وغمامة تظلل رسول الله صلى الله عليه وسلم من دون القوم حتى نزلوا تحت الشجرة ، ثم نظر إلى تلك الغمامة أظلت تلك الشجرة فاخضلت أغصان الشجرة على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى استظل تحتها ، فلما رأى بحيرى ذلك نزل عن صومعته وأمر بذلك الطعام فأتي به ، وأرسل إليهم فقال : إني قد صنعت لكم طعاما يا معشر قريش ، فأنا أحب أن تحضروه كلكم ولا تخلفوا منكم صغيرا ولا كبيرا حرا ولا عبدا ، فإن هذا شيء تكرموني به . | فقال له رجل : إن لك لشأنا يا بحيرى ، ما كنت تصنع هذا ، فما شأنك اليوم ؟ | قال : إني أحب أن أكرمكم ولكم حق . | فاجتمعوا إليه وتخلف رسول الله صلى الله عليه وسلم من بين القوم لحداثة سنه ليس في القوم أصغر منه ، في رحالهم تحت الشجرة ، فلما نظر بحيرى إلى القوم ولم ير الصفة التي يعرف ويجدها عنده ، وجعل ينظر فلا يرى الغمامة على أحد من القوم ويراها متخلفة على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فقال بحيرى : يا معشر قريش لا يتخلفن منكم أحد عن طعامي . | قالوا : ما تخلف أحد إلا غلام وهو أحدث القوم سنا في رحالهم . | فقال : ادعوه ليحضر طعامي فما أقبح أن تحضروا ويتخلف رجل واحد مع أني أراه من أنفسكم . | فقال القوم : هو والله أوسطنا نسبا ، وهو ابن أخي هذا الرجل ، يعنون أبا طالب ، وهو من ولد عبد المطلب . | فقال الحرث بن عبد المطلب : والله إن بنا للؤم أن يتخلف ابن عبد المطلب من بيننا . ثم قام إليه واحتضنه وأقبل به حتى أجلسه على الطعام والغمامة تسير على رأسه . | وجعل بحيرى يلحظه لحظا شديدا وينظر إلى أشياء في جسده قد كان يجدها عنده في صفته . | فلما تفرقوا عن الطعام قام إليه الراهب وقال : يا غلام أسألك بحق اللات والعزى إلا أخبرتني عما أسألك . فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا تسألني باللات والعزى ، فوالله ما أبغضت شيئا بغضهما ) . | قال : فبالله إلا أخبرتني عما أسألك عنه . | قال : ( سلني عما بدا لك ) . | قال : فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخبره فيوافق ذلك ما عنده ، ثم جعل ينظر بين عينيه ، ثم كشف عن ظهره فرأى خاتم النبوة بين كتفيه على موضع الصفة التي عنده ، فقبل موضع الخاتم . | فقالت قريش : إن لمحمد عند الراهب قدرا . | وجعل أبو طالب لما يرى من الراهب يخاف على ابن أخيه . | فقال الراهب لأبي طالب : ما هذا الغلام منك ؟ | قال أبو طالب : هو ابني . | قال : ما هو ابنك وما ينبغي لهذا الغلام أن يكون أبوه حيا . | قال : فابن أخي . | قال : فما فعل أبوه ؟ | قال : هلك وأمه حامل به . | قال : ما فعلت أمه ؟ | قال : توفيت قريبا . | قال : صدقت ، ارجع بابن أخيك إلى بلده واحذر عليه اليهود ، فوالله لئن رأوه وعرفوا منه ما أعرف ليبغنه عنتا ، فإنه كائن لابن أخيك هذا شأن عظيم ، نجده في كتابنا وما روينا عن آبائنا ، وأعلم أني قد أديت إليك النصيحة . | فلما فرغوا من تجارتهم خرج به سريعا . وكان رجال من يهود قد رأوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرفوا صفته ، فأرادوا أن يغتالوه فذهبوا إلى بحيرى فذاكروه أمره ، فنهاهم أشد النهي وقال لهم أتجدون صفته ؟ | قالوا : نعم . | قال : فما لكم إليه سبيل . فصدقوه وتركوه . | ورجع أبو طالب ، فما خرج به سفرا بعد ذلك خوفا عليه .

صفحہ 130