وادی نترون
وادي النطرون: ورهبانه وأديرته ومختصر تاريخ البطاركة
اصناف
ولما كان معروفا أن الانبا كيرلس الخامس يقتدي بآراء الانبا يوأنس في الاعمال الطائفية والكهنوتية لما يعهده فيه من الاخلاص له وحسن التصرف. وكان مشاعا أنه هو الساعد الاكبر له في مناهضة المجلس الملي العام وعدم موافقته على لائحة سنة 1883م حتى انه عند ابعاد الانبا كيرلس للدير في حادثة سنة 1892م كانت القرارات والاوامر الصادرة في أول سبتمبر سنة 1892م تشمل ابعاد الانبا كيرلس البطريرك ونيافة الانبا يوأنس (مطران الاسكندرية وقتها) الاول إلى دير البراموس والثاني إلى دير انبا بولا. وقد قاما إلى الديرين المذكورين تنفيذا للأمر وبعد اقامتها بهذين الديرين خمسة أشهر ويومين صدر الأمر الكريم في 30 يناير سنة 1893 رقم 2 بعودتهما (كما هو مذكور بتاريخ المرحوم لأنبا كيرلس السابق). وقد عاد كل منهما إلى كرسيه باحتفال عظيم.
وكان عضوا بمجلس شورى القوانين. ولما ألفت لجنة الدستور في سنة 1922 عين عضوا بها وله مواقف مشرفة تدل على الشجاعة والاستقلال في الرأي.
ولما توفى الانبا كيرلس الخامس اجتمع المجمع الاكليركي في يوم 10 أغسطس سنة 1927م بناء على تزكيات من الشعب وقرر انتخاب الانبا يوأنس نائبا بطريركيا ريثما ينتخب البطريرك الجديد. وعقب ذلك اجتمعت المجالس الملية الفرعية والمجلس الملي العام في 9 نوفمبر سنة 1927 و14 منه وقررت الموافقة على قرار المجمع الاكليركي ورفعت قراراتها للحكومة فصدر الامر الملكي في 16 ديسمبر سنة 1927 رقم 88 باعتماده نائبا بطريركا لمدة ستة أشهر لادارة شؤون الطائفة والبطريركية بحسب القوانين واللوائح الكنيسية.
ولما لم يتم انتخاب البطريرك في هذه المدة صدر أمر ملكي آخر بتاريخ 18 يونيه سنة 1928 رقم 22 بأن يظل الانبا يوأنس نائبا بطريركيا لمدة شهرين آخرين ابتداء من 16 يونيه سنة 1928م ثم صدر أمر ثالث في 16 أغسطس من السنة المذكورة رقم 50 بامتدادها شهرا. ثم أمر رابع في 15 سبتمبر من السنة ذاتها رقم 55 بامتدادها أربعة أشهر.
وفي أثناء المدة التي أقامها نائبا بطريركيا وضع قانون نظامي للاديرة صدر به قرار من المجمع الاكليركي العام في 17 امشير سنة 1644 (25 فبراير سنة 1928م) من ضمنه أن يعود الرهبان الذين في المدن والكنائس (العلمانية) إلى أديرتهم لينقطعوا للتعاليم الدينية والعبادة ولا يبقى منهم إلا من تقضي الضرورة بوجوده في البطريركية أو بعض المطرانيات. وذلك محافظة على شرف الرهبانية مع تقرير عدم رسامة أي كاهن علماني إلا اذا كان من خريجي المدرسة الاكليركية. ولا يتقدم للوعظ بالكنائس والمجتمعات إلا كل واعظ مشهور له بحسن السيرة والاستقامة.
وقد وفق إلى حل مشكلة اوقاف الأديرة التي كانت سببا في دوام النزاع بين المجالس الملية والاكليروس بأن يتولى ادارة الاوقاف المذكورة حضرات المطارنة ورؤساء الاديرة بحكم وظائفهم. أو من ينتدبهم غبطته تحت اشراف لجنة برياسة وعضوية اثنين من حضرات المطارنة يختارهما غبطته. وأربعة من اعضاء المجلس الملي العام يختارهم المجلس. وتكون مهمة هذه اللجنة مراجعة حسابات هذه الاوقاف وحفظ زائد ايراداتها بالمصروفات التي تختارها والعمل على ترقية شؤون الرهبان واصلاح حالة الاديرة. وفي آخر كل سنة ترفع اللجنة تقريرا مفصلا باعمالها إلى المجلس الملي العام. وقد صدر بذلك قرار من المجلس المذكور بتاريخ 5 نوفمبر سنة 1928م وصودق عليه من وزارة الداخليه بتاريخ 19 منه.
وعندما انتهت مدة نيابته قد صار انتخابه باجماع رجال الاكليروس وبأغلبية كبار الطائفة بطريركا رغم المعارضات التي حدثت من بعض ابناء الطائفة مما لا تخلو منه أي طائفة كانت في مثل الاحوال لتباين الاغراض وتشعب المشارب. وقد صدر الأمر الملكي بتاريخ 9 ديسمبر سنة 1928 رقم 86 باعتماد غبطته بطريركا واقيمت حفلة رسامته بكاتدرائية الاقباط بالمدرب الواسع بمصر في صباح يوم الاحد 7 كيهك سنة 1645ش، 16 ديسمبر سنة 1928م وكانت من اعظم الحفلات وقد حضرها حضرة صاحب الدولة توفيق نسيم باشا نائبا عن جلالة الملك وبعض حضرات اصحاب السمو الامراء واصحاب المعالي الوزراء وحضرات الاعيان وكبار الطائفة. وقد تمت الحفلة والمراسم الدينية بغاية النظام.
وكان أول اعماله انشاء مدرسة لاهوتية للرهبان بحلوان واصلاح الدار البطريركية بمصر وغير ذلك من الاعمال النافعة.
ومما يحمد عليه غبطته اشرافه الفعلي على احوال الطائفة وتصريف الامور بكل حكمة وروية وزيارته للأديرة سنويا مما بعث فيها روح النشاط والاصلاح وتبرعاته بسخاء للجمعيات الخيرية القبطية والمشروعات الطائفية من بناء كنائس وانشاء مدارس إلى غير ذلك من الأعمال المفيدة للطائفة.
ورغبة منه في تفقد حالة أبنائه الاحباش وتوطيدا للعلاقات الودية وتوثيقا لعرى المحبة بين الكنيستين القبطية الارثوذكسية والحبشية ودعما للسلام بين الامتين المصرية والحبشية ايضا، قد أبحر غبطته من بورسعيد في مساء يوم الاربعاء 25 ديسمبر سنة 1929 باحتفال عظيم اشترك فيه الشعب والحكومة إلى جيوبتي فوصل اليها في صباح يوم الثلاثاء 31 ديسمبر المذكور. وكان في استقباله هناك وفدان احدهما من قبل الحكومة الحبشية والآخر من قبل الشعب الحبشي. وأعد لركوبه قطار خاص ومعه حاشيته والوفد الحكومي. وقام من جيوبتي في مساء اليوم المذكور. وفي صباح يوم الاربعاء أول يناير سنة 1930 وصل إلى دير آراوا وكان في استقباله كبار رجال الحبشة وعلى رأسهم حاكم مدينتى دير آراوا وهرر من قبل الملك نفري. وبعد ما استراح قليلا في سراي الحاكم زار الكنيسة الحبشية بالمدينة. ثم قام ظهر اليوم المذكور من دير آراوا فوصل إلى محطة أديس ابابا بعد ظهر يوم الجمعة 3 يناير سنة 1930م واستقبله هناك الملك ورجال حكومته وقناصل الدول وكبار رجال الشعب الحبشي والطوائف الاخرى وبعد ان استراح قليلا قصد القصر الملكي وعند وصوله اطلق له خمسون مدفعا ايذانا بقدومه. وقد كانت الحكومة أعدت برنامجا لاقامة غبطته مدة سبعة عشر يوما من 4 يناير سنة 1930 إلى يوم الاثنين 20 منه.
نامعلوم صفحہ