وقال تعالى: ﴿عَلَيْهَا تِسْعَةَ عَشَرَ وَمَا جَعَلْنَا أَصْحَابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً﴾ ١ إلى قوله: ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ ٢.
ومنهم الموكلون بحفظ بني آدم كما قال تعالى: ﴿لَهُ مُعَقِّبَاتٌ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ يَحْفَظُونَهُ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ﴾ ٣. قال ابن عباس: "ملائكة يحفظونه من بين يديه ومن خلفه، فإذا جاء أمر الله خلوا عنه". وقال مجاهد: "ما من عبد إلا وملك موكل يحفظه في نومه ويقظته من الجن والإنس والهوام، فما منها شيء يأتيه يريده إلا قال له: وراءك! إلا شيء يأذن الله تعالى فيه فيصيبه".
ومنهم الموكلون بحفظ أعمال العباد كما قال تعالى: ﴿إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ﴾ ٤.
وقال تعالى: ﴿وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَيَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ﴾ ٥. روى البزار عن ابن عباس ﵁ قال: قال رسول الله ﷺ: "إن الله ينهاكم عن التعري، فاستحيوا من ملائكة الله الذين معكم الكرام الكاتبين الذين لا يفارقونكم إلا عند ثلاث: الغائط والجنابة والغسل. فإذا اغتسل أحدكم بالعراء فليستتر بثوبه أو بجذم حائط أو بغيره" قال الحافظ ابن كثير: ومعنى إكرامهم ٦ أن يستحي منهم، فلا يملي عليهم الأعمال القبيحة التي يكتبونها؛ فإن الله خلقهم كراما في خلقهم وأخلاقهم. ثم قال ما معناه: إن من كرمهم أنهم لا يدخلون بيتا فيه كلب ولا صورة ولا جنب ولا تمثال، ولا يصحبون رفقة معهم كلب أو جرس.
_________
١ سورة آية: ٣٠-٣١.
٢ سورة المدثر آية: ٣١.
٣ سورة الرعد آية: ١١.
٤ سورة آية: ١٧.
٥ سورة آية: ١٠-١٢.
٦ لفظ (إكرامهم) من تاريخ ابن كثير.
1 / 254