فنقضت ذلك (¬1) المعتزلة (¬2) ومن قال بقولهم إن أهل الكبائر ليسوا بمؤمنين ولا كافرين، وأنهم فاسقون في النار مخلدون إلا طلحة والزبير. ومثل هذا كثير من اختلاطهم وتناقض مذهبهم، فثبتنا على الأصل المجتمع عليه (¬3) نحن وإياهم على أن من ليس بمؤمن فهو كافر، وأن الكفر ضد الإيمان كالحياة والموت، ولا يخرج من أحدهما إلا دخل في الآخر. ولو جاز أن يخرج من الكفر ولم يدخل في الإيمان لجاز أن يخرج من الثواب والجنة ولا يدخل في (¬4) النار، ولا يكون من أحدهما وهو مكلف صحيح العقل، فيكون لا شقيا ولا سعيدا، ولا موحدا ولا مشركا، ولا صالحا، لأن هذه هي الأضداد التي لا ينفك عنها (¬5) الناس. وقد قال الله تعالى: { أفمن كان مؤمنا كمن كان فاسقا لا يستوون } (¬6) فوعد للمؤمنين الجنة، وأوعد النار للفاسقين (¬7) .
¬__________
(¬1) 16) ب: ذلك كله.
(¬2) 17) م: المرجئة.
(¬3) 18) - من ب.
(¬4) 19) - من ح.
(¬5) 20) ب، ر: منها.
(¬6) 21) سورة السجدة: 18.
(¬7) 22) ج، للفاسقين النار، وفي ح، م: للفاسق النار. وهنا تنقطع النسخة (ر)..ورد أبو عمار عبد الكافي في شرحه للجهالات على المعتزلة التي غلطت غلطا شديدا في تسمية الفاسق أنه في منزلة بين المنزلتين وأنهم خالفوا الفرع والأصل، وذلك أن الإيمان هو ضد الكفر، والهدى ضد الضلالة والرشد ضد الغي، والصلاح ضد الفسق، والفجور ضد البر كما أن مؤمنا ضده كافر، ومحسنا ضده مسيء، ومهتديا ضده ضال، وبار ضد فاجر، فزعمت المعتزلة أن ضد مؤمن فاسق، فأما كافر فضده عند المعتزلة موحد، فغلطوا كما ترون ولو جعلوا عوض كافر في مضاددة موحد مشركا لكان اقرب لهم إلى الهدى، فحينئذ يكون ضد كافر مؤمنا كما قلنا، وأما اعتلال حجتهم بهذه الآية، فلا أعلم لهم في كتاب الله حجة أوثق في أنفسهم من هذه الآية، وهذا أيضا غلط من غلطاتهم فليس في أن سماه الله فاسقا ما يزيل عنه اسم كافر، كما أن من سماه كافرا فليس ذلك يزيل عنه أن يسمى فاسقا، فكيف لا نفرق بين كافر وفاسق في شيء من الأشياء، ولا في اسم من الأسماء. انظر الشرح (السابق) ص 314.
صفحہ 91