1 * فركب الإمام عمر على بعيره وركب أمراء المسلمين معه، وضجت القبائل بالتهليل والتكبير، ولما وصل عمر إلى الجابية أقام بها حينا فأخذ خمس الفيء
2
لبيت المال حسب العادة *، ولما رأى الإمام كثرة الأموال والخيرات التفت إلى أبي عبيدة وقال: يا عامر لقد آن لنا أن ندون الدواوين، ونفرض الفروض والعطاء للمسلمين، فإن الشام وفارس ملأت خزائننا بالمال. فسأل أبو عبيدة: وكيف يكون العطاء يا أمير المؤمنين؟ فأجاب عمر: «على السابقة في الإسلام» ابتداء من المهاجرين والأنصار فمن بعدهم إلى اليوم. فقال أبو عبيدة: والمساكين يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: سأجمع ستين مسكينا وأطعمهم الخبز، ثم أحصي ما أكلوا، وأفرض لكل إنسان منهم ولعياله على هذا التقدير
3
فلا أدع في المسلمين محتاجا.
ثم إنه شرع في تسريح الجند لإتمام الفتح «وقسم الشام قسمين. فأعطى أبا عبيدة من حوران إلى حلب وما يليها وأمره بالمسير إلى حلب وأن يقاتل أهلها، وأعطى أرض فلسطين وأرض القدس والساحل ليزيد بن أبي سفيان وجعل أبا عبيدة واليا عليه، وأمر يزيد أن يحارب أهل قيسارية إلى أن يفتحها الله على يديه، وسير عمر بن العاص إلى مصر»
4 «وجعل علقمة بن حكيم على نصف فلسطين وأسكنه الرملة، وجعل علقمة بن مجزر على نصفها الآخر وأسكنه إيلياء».
5
ثم إن الإمام ودع الأمراء وأوصاهم بالاتحاد والنشاط، وعاد مع رجاله على بعيره قافلا إلى «المدينة» عاصمته، وهو يحمد الله على الفتح، ومعه كعب الأحبار. *
فبتسيير الرجال هذا التسيير إلى أقطار الأرض لفتحها وتوحيدها أشبه الإمام عمر السيد المسيح لما أرسل تلامذته إلى العالم؛ ليفتحوه ويوحدوه، وينشروا فيه الوداعة والمحبة والسلام بقوة الكلام فقط، ولكن كأن الكلام لم يفعل في العالم الفعل المقصود ولذلك قام السيف الآن، وإذا كان الكلام لم ينجع فالسيف لا ينجع أيضا. •••
نامعلوم صفحہ