يفعل الْحُكَمَاء عندنَا معاشر إِسْلَام الصين، وَلَا تفقد أَيَّة بَلْدَة كَانَت رجَالًا حكماء نبلاء يمتازون طبعا على الْعَامَّة، لَهُم نوع من الْوَلَاء حَتَّى على الْعلمَاء.
وَهَؤُلَاء الَّذين نسميهم عندنَا بالحكماء هم الَّذين يُطلق عَلَيْهِم فِي الإسلامية اسْم أهل الْحل وَالْعقد، الَّذين لَا تَنْعَقِد شرعا (الْإِمَامَة) إِلَّا ببيعتهم؛ وهم خَواص الطَّبَقَة الْعليا فِي الْأمة، الَّذين أَمر الله عز شَأْنه نبيه بمشاورتهم فِي الْأَمر، الَّذين لَهُم شرعا حق الاحتساب والسيطرة على الْأَمَام والعمال، لأَنهم رُؤَسَاء الْأمة ووكلاء الْعَامَّة، والقائمون فِي الْحُكُومَة الإسلامية مقَام مجَالِس النواب والإشراف فِي الحكومات الْمقيدَة، ومقام الأسرة الملوكية الَّتِي لَهَا حق السيطرة على الْمُلُوك فِي الحكومات الْمُطلقَة كالصين وروسيا؛ ومقام شُيُوخ الأفخاد فِي إزاء أُمَرَاء العشائر الْعَرَبيَّة، أُولَئِكَ الْأُمَرَاء الَّذين لَيْسَ لَهُم من الْأَمر غير تَنْفِيذ مَا يبرمه الشُّيُوخ.
وَإِذا دققنا النّظر فِي أدوار الحكومات الإسلامية من عهد الرسَالَة إِلَى الْآن، نجد ترقيها وانحطاطها تابعين لقُوَّة أَو ضعف احتساب أهل الْحل وَالْعقد واشتراكهم فِي تَدْبِير شؤون الْأمة.
وَإِذا أرجعنا الْبَصَر إِلَى التَّارِيخ الإسلامي، نجد أَن النَّبِي عَلَيْهِ
1 / 66