الْمُنكر، (مرحى) . وَهَؤُلَاء قُضَاة الْقُسْطَنْطِينِيَّة على عهدنا، أَكْثَرهم لَا يعرضون لحضرة السُّلْطَان الْمُعظم نصب خطيب لإِقَامَة الْجُمُعَة، وَلَا ينصبون وَصِيّا على إبِله، أَو مختل الْعقل، أَو مُسْرِف فَاسد التَّدْبِير؛ وَلَا يعزلون مُتَوَلِّيًا أَو وَصِيّا لخيانة فِي مَال الْوَقْف أَو الْيَتِيم؛ وَلَا يقضون فِي مَسْأَلَة خلع زَوْجَة، وَلَا يسمعُونَ بَيِّنَة تَوَاتر؛ إِلَى غير ذَلِك من قضايا وَأَحْكَام شَرْعِيَّة كَثِيرَة لَا يجوز شرعا وَلَا إدارة إهمالها، وَلَا حجَّة لَهُم فِي ارْتِكَاب إِثْم تعطيلها غير مجاراة الأوهام.
ثمَّ أَن هَؤُلَاءِ المتعممين مَا كفاهم هَذَا القانون، فألحقوه بقانون آخر سموهُ قانون (تَوْجِيه الْجِهَات)؛ جعلُوا فِيهِ التدريس والإرشاد والوعظ والخطابة والإمامة وَسَائِر الخدم الدِّينِيَّة، كالعروض، تبَاع وتشرى، وتوهب وتورث، وَمَا ينْحل مِنْهَا نَادرا عَن غير وَارِث، يَبِيعهَا الْقُضَاة لمن يُرِيدُونَ؛ ويتكرمون بهَا على المتملقين؛ وَبِهَذَا القانون انحصرت الخدم الدِّينِيَّة فِي الجهلاء وَالْمُنَافِقِينَ.
ثمَّ لما وضع قانون (تشكيل الولايات)، لم يرض المتعممون حَتَّى جعلُوا فِيهِ قَاضِي الْمُسلمين، وَكَذَلِكَ مفتي الْمُؤمنِينَ فِي كل بلد، عضوين فِي مجْلِس الإدارة، يحكمان بأَشْيَاء كَثِيرَة مِمَّا يصادم الشَّرْع
1 / 50