وَلَا يظنّ ظان أَن هَذَا الإطراء من حَضْرَة السُّلْطَان للمتعممين هُوَ بِقصد أَن يقابلوه بِالْمثلِ، وَصفهم إِيَّاه ومخاطبتهم لَهُ بِنَحْوِ: (الْمولى الْمُقَدّس، ذِي الْقُدْرَة، صَاحب العظمة والجلال، المنزه عَن النظير والمثال، واهب الْحَيَاة، ظلّ الله، خَليفَة رَسُول الله، مهبط الإلهامات، مصدر الكرامات، سُلْطَان السلاطين، مَالك رِقَاب الْعَالمين، ولي نعْمَة الثقلَيْن، ملْجأ أهل الْخَافِقين) . إِلَى غير ذَلِك من مصَارِع الشّرك والكبرياء والمهالك.
هَذَا، وَلَا ريب، أَن التسعين فِي الْمِائَة من الْعلمَاء المتبحرين لَا يحسنون قِرَاءَة نعوتهم المزورة، كَمَا أَن الْخَمْسَة وَالتسْعين من أُولَئِكَ المتورعين، رافعي إِعْلَام الشَّرِيعَة وَالدّين، يُحَاربُونَ الله جهارا، ويستحقون مَا يسْتَحقُّونَ من الله وَمَلَائِكَته وَالْمُؤمنِينَ.
وَيَكْفِي حجَّة عَلَيْهِم بذلك، تمييزهم جَمِيعًا بلباس عروسي، محلى بِكَثِير الْفضة وَالذَّهَب، مِمَّا هُوَ حرَام بِالْإِجْمَاع وَلَا يحْتَمل التَّأْوِيل؛ وَقد اقتبسوا هَذَا اللبَاس من كهنة الرّوم الَّذين يلبسُونَ القباء والقلنسوات المذهبة عِنْد إِقَامَة شعائرهم، وَفِي احتفالاتهم الرسمية. وَهَذَا الْخَطِيب فِي بعض جَوَامِع السلاطين يَسْتَوِي على الْمِنْبَر وَيَقُول: اتَّقوا الله، وعَلى رَأسه وصدره ومنكبيه هَذَا اللبَاس
1 / 49