وَأَن بفقدانها تفقد الآمال، وَتبطل الْأَعْمَال، وَتَمُوت النُّفُوس، وتتعطل الشَّرَائِع، وتختل القوانين. وَقد كَانَ فِينَا راعي الخرفان حرا لَا يعرف للْملك شنئانا، يُخَاطب أَمِير الْمُؤمنِينَ بيا عمر وَيَا عُثْمَان، فصرنا رُبمَا نقْتل الطِّفْل فِي حجر أمه ونلزمها السُّكُوت فتسكت، وَلَا تجسر أَن تزعج سمعنَا ببكائها عَلَيْهِ.
وَكَانَ الجندي الْفَرد يُؤمن جَيش الْعَدو فَلَا يخفر لَهُ عهد، فصرنا نمْنَع الْجَيْش الْعَظِيم صَلَاة الْجُمُعَة وَالْعِيدَيْنِ، ونستهين دينه لَا لحَاجَة غير الفخفخة الْبَاطِلَة (مرحى) . فلمثل هَذَا الْحَال لَا غرو أَن تسأم الْأمة حَيَاتهَا فيستولي عَلَيْهَا الفتور، وَقد كرت الْقُرُون وتوالت الْبُطُون وَنحن على ذَلِك عاكفون، فتأصل فِينَا فقد الآمال وَترك الْأَعْمَال والبعد عَن الْجد والارتياح إِلَى الكسل والهزل، والانغماس فِي اللَّهْو تسكينًا لآلام أسر النَّفس، والإخلاد إِلَى الخمول والتسفل طلبا لراحة الْفِكر المضغوط عَلَيْهِ من كل جَانب. إِلَى أَن صرنا ننفر من كل الماديات والجدّيات حَتَّى لَا نطيق مطالعة الْكتب النافعة وَلَا الإصغاء إِلَى النَّصِيحَة الْوَاضِحَة، لِأَن ذَلِك يذكرنَا بمفقودنا الْعَزِيز، فتتألم أَرْوَاحنَا وتكاد تزهق إِذا لم نلجأ إِلَى التناسي بالملهيات والخرافات المروحات
1 / 33