طبائع ونواميس، يخربون بُيُوتهم بِأَيْدِيهِم وهم لَا يَشْعُرُونَ. وَمِنْهُم الْبَعْض ضالون على علم، وهم الَّذين يَشكونَ ويبكون حَتَّى يظنّ انهم مغلوبون على أَمرهم، ويتشدقون بالإصلاح السياسي مَعَ انهم وأيم الْحق يَقُولُونَ بأفواههم مَا لَيْسَ فِي قُلُوبهم؛ يظهرون الرَّغْبَة فِي الْإِصْلَاح، ويبطنون الْإِصْرَار والعناد على مَا هم عَلَيْهِ من إِفْسَاد دينهم ودنياهم، وَهدم مباني مجدهم وإذلال أنفسهم وَالْمُسْلِمين، وَهَذَا دَاء عياء لَا يُرْجَى مِنْهُ الشِّفَاء لِأَنَّهُ دَاء الْغرُور، وَلَا يقر صَاحبه لفاضل بفضيلة وَلَا يجاري حازما فِي مضمار، وَقد سرى من الْأُمَرَاء، إِلَى الْعلمَاء، إِلَى الكافة.
أجَاب الْمولى الرُّومِي: أَن تحميل التبعة على الْأُمَرَاء فَقَط غير سديد، خُصُوصا لِأَن أمراءنا إِن هم إِلَّا لفيف منا، فهم أمثالنا من كل وَجه؛ وَقد قيل " كَمَا تَكُونُوا يُولى عَلَيْكُم " فَلَو لم نَكُنْ نَحن مرضى لم يكن أمراؤنا مدنفين.
وَعِنْدِي أَن البلية فَقدنَا الْحُرِّيَّة، وَمَا أدرانا مَا الْحُرِّيَّة؛ هِيَ مَا حرمنا مَعْنَاهُ حَتَّى نسيناه، وَحرم علينا لَفظه حَتَّى
1 / 31