فَقَالَ الْأُسْتَاذ الرئيس: أَن الصاحب الْهِنْدِيّ مُصِيب فِي تَفْصِيله وتحريره، وَلذَلِك رجعت عَن قولي بِأَن الْمُسلمين أحط من غَيرهم مُطلقًا إِلَى الحكم بِأَنَّهُم أحط من غَيرهم، مَا عدا أهل النَّحْل المتشددة فِي التدين.
قَالَ الْحَافِظ الْبَصْرِيّ: يلوح لي أَنه - يلْزم اسْتثِْنَاء الدهريين والطبيعيين وأمثالهم مِمَّن لَا دين لَهُم، لأَنهم لَا بُد أَن يَكُونُوا على غير نظام وَلَا ناموس فِي أَخْلَاقهم، معذبين منغصين فِي حياتهم منحطين عَن أهل الْأَدْيَان، كَمَا يعْتَرف بذلك الطبيعيون فَيَقُولُونَ عَن أنفسهم أَنهم أَشْقَى النَّاس فِي الْحَيَاة الدُّنْيَا.
فَأَجَابَهُ الصاحب الْهِنْدِيّ: أَنِّي كنت أَيْضا أَظن أَنه يُوجد فِي الْبشر أَفْرَاد مِمَّن لَا دين لَهُم، وان من كَانُوا كَذَلِك لَا خلاق لَهُم؛ ثمَّ أَن خبرتي الطَّوِيلَة قد برهنت لي أَن الدّين بِمَعْنَاهُ الْعَام وَهُوَ إِدْرَاك النَّفس وجود قُوَّة غالبة تتصرف فِي الكائنات، والخضوع لهَذِهِ الْقُوَّة على وَجه يقوم فِي الْفِكر، هُوَ أَمر فطري فِي الْبشر؛ وَإِن قَوْلهم فلَان دهري أَو طبيعي هُوَ صفة لمن يتَوَهَّم أَن تِلْكَ الْقُوَّة هِيَ الدَّهْر أَو الطبيعة فيدين لما يتَوَهَّم.
بِنَاء على ذَلِك ثَبت عِنْدِي مَا يقرره الأخلاقيون: من أَنه
1 / 24