متشاكسون مُتَعَذر لَا متعسر
فَهَذِهِ الْمَقَاصِد القولية قد استوفت حَقّهَا من أَنْوَاع بَدَائِع الأساليب، وآن أَوَان استثمارها، وَذَلِكَ لَا يتم إِذا لم يشخص الْمَرَض أَو الْأَمْرَاض الْمُشْتَركَة، تشخيصًا مدققًا سياسيًا، بالبحث أَولا عَن مراكز الْمَرَض، ثمَّ عَن جراثيمه، ليتعين بعد ذَلِك الدَّوَاء الشافي الأسهل وجودا والأضمن نتيجة، وبالتنقيب ثَانِيًا عَن تَدْبِير إِدْخَاله فِي جسم الْأمة بحكمة تصرع العناد وَالوهم، وتتغلب على مقاومة أَعْضَاء الذَّوْق والشم.
ثمَّ أظنكم أَيهَا السَّادة تستحسنون الاكتتام الَّذِي اخْتَارَهُ أَكثر هَؤُلَاءِ الْكتاب الأفاضل، لِأَن لذَلِك محسنات بل مُوجبَات شَتَّى يَنْبَغِي أَن تستعملها جمعيتنا أَيْضا؛ فلنحرص كلنا على الاكتتام لِأَن من موجباته الْتِزَام كل منا المشرب الْعمريّ، أَعنِي القَوْل الصَّرِيح فِي النَّصِيحَة للدّين بِدُونِ رِيَاء وَلَا استحياء وَلَا مُرَاعَاة ذوق عَامَّة أَو عتاة، لِأَن حَيَاء الْمَرِيض مهلكة، وكتم الْأَمر المستفيض سخافة، وَالدّين النَّصِيحَة، وَلَا حَيَاء فِي الدّين.
وَمن مُوجبَات الاكتتام أَيْضا أَن كل مَا يخالج الْفِكر فِي مَوْضُوع مَسْأَلَتنَا مَعْرُوف عِنْد الْأَكْثَرين، وَلَكِن بِصُورَة مشتتة،
1 / 12