152

[151_2]

الذنب، وربما أحفظه الذنب اليسير، وربما أعرض صفحا عن الخطب الكبير، أسباب الموت والحياة متعلقة بطرف لسانه، يخطئ فيصوب، ويصيب فيفرض، مفتون الهوى، فظ الخليقة، أخرق العقوبة، لا يمنعه من ذي الخاصة به ما يعلم من عنايته، وطول صحبته، أن يقتله بخطرة من خطرات موجدته، ثم لا ينفك أن يخطب إليه موضعه، فلا الثاني بالأول يعتبر، ولا الملك عم مثل ما فرط منه يزدجر.

وقال سهل للفضل بن سهل: إن الحاجب أحد وجهي الملك يعتبر عليه برأفته، ويلحقه ما كان في غلظته وفظاظته؛ فاتخذ حاجبك سهل الطبيعة، معروفا بالرأفة، مألوفا منه البر والرحمة، وليكن جميل الهيئة، حسن البسطة، ذا قصد في نيته وصالح أفعاله، ومره فليضع الناس على مراتبهم، وليأذن لهم في تفاضل منازلهم، وليعط كلا بسطة من وجهه، وليستعطف قلوب الجميع إليه، حتى لا يغشى الباب أحد وهو يخاف أن يقصر به عن مرتبه، ولا أن يمنع في المدخل أو مجلس أو موضع إذن شيئا يستحقه، ولا يمنع أحد من مرتبته، وليضع كلا عند منزلته وتعهده، فإن قصر مقصر قام بحسن خلافته وبتزيين أمره.

وقال سهل يوما وهو عند المأمون: من أصناف العلم ما لا ينبغي للمسلمين أن يرغبوا فيه، وقد يرغب عن بعض العلم، كما يرغب عن بعض الحلال. قال المأمون: قد يسمى بعض الناس الشيء علما وليس بعلم، فإن كنت أردت هذا فوجهه الذي ذكرنا ، ولو قلت: أن العلم لا يدرك غورة، ولا يسبر قعره، ولا تبلغ غايته، ولا تستقصي أصنافه، ولا يضبط آخره، فالأمر على ما قلت. فإذا كان الأمر كذلك، فابدءوا بالأهم فالأهم، وابدءوا بالفرض قبل النفل، فإذا فعلتم ذلك كان عدلا وقولا صدقا.

ويقال على الجملة إن من الندرة أن يتم لإنسان من المواهب والبيئة ما تم لسهل،

صفحہ 151